الحوار القطاعي للتعليم..اللجنة التقنية بين عبث الوزارة وتواطؤ النقابات!

من يصدق أن النقابات التعليمية التي لطالما صدّعت رؤوسنا بالبيانات الرنانة والوقفات “الشكلية” عجزت عن فرض توقيع محاضر الاجتماعات مع الوزارة؟! ألم يكن الاتفاق واضحًا في بلاغ 19 فبراير 2025 الذي أكد على محضر لكل اجتماع، يُوقَّع فورًا من قِبل الإدارة والنقابات؟ فلماذا لا أثر لهذه المحاضر؟ وأين الرأي العام التعليمي منها؟
الأسئلة هنا كثيرة، لكن الأجوبة أكثر مرارة. فإما أن الوزارة، بقيادة عرّابيها الجديدين -اللذين لم يخفيا عداءهما للشغيلة التعليمية أيام الحراك- قد قررت ببساطة أن تماطل في تنفيذ التزاماتها، بعدما وجدت أمامها نقابات ضعيفة، بلا سند نضالي حقيقي، لا تستطيع حتى تحريك أطر المنظومة في احتجاج ميداني يحفظ ماء وجهها، وإما أن النقابات نفسها لا يهمها سوى ملفات فئات بعينها، تلك التي ينتمي إليها “سلاطين” مكاتبها الوطنية.

أو ربما، وربما فقط، تكون قيادات هذه النقابات قد دخلت في مساومات جديدة، سرية، لا يعلمها إلا العارفون بدهاليز “علم من أين تؤكل حقوق نساء ورجال التعليم”!
وحتى لا يتهمنا المغرضون بالعدمية، نطرح السؤال عن القضايا التي تم الحسم فيها؟ ولننظر إلى الحصيلة: ماذا تحقق فعليًا بعد اجتماعين للجنة التقنية؟ هل تم حل ملفات الترقية؟ هل أُغلقت ملفات الإدماج؟ هل تم تصحيح الاختلالات؟ أم إن الأمر لا يعدو كونه جزءًا من مسلسل تركي طويل، عنوانه “لقاءات، ثم لقاءات، ثم جدولة للقاءات جديدة”، بلا أي مخرجات تُذكر؟
وإذا كانت هناك قضايا حقيقية طالبت بها نقابة معصيد قبل انسحابها من الحوار القطاعي، فلماذا لم تؤكد على إدراجها ضمن القضايا المطروحة للنقاش بعد رجوعها مذعنة إلى بيت طاعة الوزير؟ فهل تراه كان مجرد تكتيك للمناورة، أم إن في الأمر “أجندات خفية”؟!

الحقيقة أن الشغيلة التعليمية لم تعد تثق في “يافطات الدفاع عن الحقوق”، بعدما اكتشفت أن الأمر ليس سوى تجارة بالمطالب، لتحقيق المآرب الخاصة لمن تمرسوا على تسويق الوهم مقابل كراسي الوثائق الموقعة على بياض، وليستمر وضع الشغيلة بين مطرقة الوزارة وسندان النقابات.
فمتى ستدرك الأسرة التعليمية أنها لم تعد تمتلك سوى خيار واحد؛ وهو التحرر من الوصاية النقابية العاجزة، واستعادة زمام المبادرة بيدها؟ متى ستكف عن انتظار الحلول من “ممثلين” لم يعودوا يمثلون إلا مصالحهم الضيقة؟ ومتى ستعلن، وبوضوح، أن زمن اللقاءات العقيمة قد انتهى، وأن عصر الفعل الميداني قد آن أوانه؟
لعل الأسابيع المقبلة ستجيب عن هذه الأسئلة، لكن الأكيد أن الوزارة نجحت حتى الآن في فرض أجندتها، بينما النقابات تواصل لعب دور “المعارضة الصورية”، تاركة الشغيلة تائهة بين وعود معلقة وصفقات خلف الأبواب المغلقة!