“مع فوازير الحطاب.. مش ح تقدر تغمض عينيك”!!!طلاء على شفا الانهيار.. كوميديا الإدارة أم دراما التعليم؟
في مشهد يبدو وكأنه مقتبس من مسرحية هزلية، أقدم المدير الإقليمي للتعليم بأسفي على خطوة “عبقرية” تتمثل في طلاء واجهة بناية مصلحة الشؤون التربوية في يوم زيارة لجنة المفتشية العامة. نعم، في هذا التوقيت بالذات، قرر الرجل أن يُلبس البناية المتصدعة قناعاً جديداً من الطلاء، في محاولة لإخفاء شقوقها التي تكاد تنطق استغاثةً، وكأن اللجنة ستُبهر بـ”اللوك الجديد” للبناية، متناسيةً حالتها الكارثية.
لكن لحظة! أليس من المتوقع أن تخضع هذه البناية لخبرة تقنية بسبب التصدعات والشقوق التي تهدد سلامتها؟ بل وربما يتم إخلاؤها قريباً للعمل بإحدى المؤسسات القريبة؟ إذن، لماذا هذه المحاولة اليائسة لتزيين ما لا يُزين؟ الأمر يشبه محاولة إخفاء رائحة العفن بمرش عطري، حيث النتيجة واحدة: فضيحة أكبر، لكن هذه المرة برائحة الفشل الإداري.
هل يعتقد المدير الإقليمي فعلاً أن لجنة المفتشية العامة، التي من المفترض أنها تضم خبراء ومختصين، ستنخدع بهذه الحيلة “الماكرة”؟ أم أن الطلاء بالنسبة له هو عصا سحرية قادرة على تحويل البناية المتصدعة إلى قصر منيف؟ الحقيقة أن هذا السلوك لا يمكن وصفه إلا بأنه كوميديا سوداء تُضاف إلى دراما التعليم بأسفي.
ولنترك السخرية قليلاً لنسأل: هل هذه هي الحكامة التي تُروج لها الشعارات الرنانة؟ هل هذا هو التسيير “الرشيد” الذي يُفترض أن يُصلح المنظومة التعليمية؟ يبدو أن المدير الإقليمي نسي أو تناسى أن لجان التفتيش لا تهتم بطلاء الجدران، بل بما وراءها، وأن الحقيقة لا تُغلف بمسحة من اللون.
ولنكن صريحين: إن ما حدث ليس مجرد تصرف عابر، بل هو انعكاس لعقلية إدارية ترى في الحلول الشكلية مخرجاً من الأزمات الحقيقية. فالمال والجهد الذي بُذل في طلاء هذه الواجهة المتهالكة كان يمكن أن يُستثمر في حلول أكثر جدية، لكن يبدو أن سياسة “البهرجة” لا تزال تتصدر مشهد التسيير.
وكما يقول إخواننا المصريون: “مع فوازير الحطاب.. مش ح تقدر تغمض عينيك!”. نعم، نحن أمام فوازير حقيقية: لماذا طُليت البناية؟ هل هو اختبار لذكاء لجنة المفتشية العامة؟ أم محاولة بائسة لإقناعها بأن الوضع “تحت السيطرة”؟
في النهاية، الكرة الآن في ملعب لجنة المفتشية العامة. إن أرادت أن تُثبت أنها جاءت للإصلاح، فعليها أن تكشف هذه المسرحية الهزلية وتضع حداً لهذه المهزلة. وإلا، فإننا سنبقى أسرى مشاهد من نوع “طلاء على شفا الانهيار”، حيث يتحول الإصلاح إلى مجرد لون، والمأساة إلى كوميديا إدارية لا تنتهي.