سياسةمجتمع

وسيط المملكة : تأخر المساطر وتعقيد الإجراءات يضرب الحكامة الإدارية في المغرب

كشفت مؤسسة وسيط المملكة عن مجموعة من الاختلالات التي تشوب مجالات الحكامة الإدارية والاقتصادية في المغرب، خاصة تلك المرتبطة بمرفق العدالة على المستويين المركزي والترابي.

ووفقًا لتقرير المؤسسة السنوي لسنة 2024، الذي اطلعت عليه تراند نيوز، تتجلى هذه الاختلالات في تأخر المساطر الإدارية، وتعقيد الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية، بالإضافة إلى عدم تكافؤ الفرص في الاستفادة من الموارد الاقتصادية.

تعتبر مؤسسة وسيط المملكة مجالات الحكامة من الركائز الأساسية لفعالية الدولة وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، مؤكدة أن هذه المجالات تعكس تفاعلات معقدة بين مختلف الفاعلين على المستويين المركزي والترابي.

ويرى التقرير أن الاختلالات المرصودة تعود إلى تداخل عوامل قانونية وتنظيمية وبشرية، مما يستدعي رصدًا دقيقًا لمساراتها وتأثيراتها، خاصةً في ظل ما تخلفه من تصورات سلبية حول المرفق العمومي وتأثيرها على ثقة المواطنين في المؤسسات.

نبه وسيط المملكة إلى أن الحكامة الإدارية المرتبطة بمرفق العدالة تمثل جزءًا أساسيًا من بنية الدولة الحديثة، إلا أنها لا تزال تشهد اختلالات تؤثر على نجاعة الأداء العمومي.

وسجل التقرير مظاهر بطء الإجراءات وتعقيد المساطر، مما يؤدي إلى شعور بالإجحاف أو الإقصاء، خاصة لدى الفئات الأكثر هشاشة. أما فيما يتعلق بالولوج إلى العدالة، فتطرح إشكالات تتعلق بحق اللجوء إلى القضاء والالتزام بتنفيذ الأحكام الصادرة عنه.

وفيما يخص الحق في المعلومة، رصد الوسيط جملة من الاختلالات تتجلى في غياب الرد الإداري أو اتخاذ الإدارة موقف الرفض الضمني دون تعليل، مما يفاقم الإحساس بالظلم ويضعف الثقة في الإدارة.

كما تتجلى الاختلالات في عدم أو ضعف تعليل القرارات الإدارية، حيث تكتفي بعض الإدارات بصيغ عامة لا تمكن المواطن من فهم أسباب ومبررات القرار، مما يعيق حقه في الدفاع عن مصالحه.

وسجل التقرير أيضًا تأخرًا أو امتناعًا عن تسليم الوثائق الإدارية المطلوبة، بالإضافة إلى غياب النشر الاستباقي لهذه الوثائق في المواقع الرسمية، وتأخر تحديثها.

وأشار التقرير إلى خرق مبدأ “مرة واحدة” المنصوص عليه في القانون رقم 55.19، من خلال مطالبة المواطنين بتقديم نفس الوثائق بشكل متكرر، مما يزيد من الأعباء عليهم ويعقد المساطر دون مبرر.

أكد وسيط المملكة استمرار تعثر تنفيذ العديد من الأحكام الصادرة ضد إدارات الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، على الرغم من إلزامية وقوة تنفيذ الأحكام النهائية.

وأوضح أن هذا التعثر يعزى إلى غياب الاعتمادات أو تعقيدات المساطر، مما يحرم المواطنين من ثمرة التقاضي ويفاقم أزمة الثقة في النظام الإداري، ويثير التساؤل حول جدوى اللجوء إلى القضاء.

على مستوى الحكامة الاقتصادية، أشار وسيط المملكة إلى أن بعض الممارسات الإدارية لا تزال تعيق التفعيل السليم لمبادئ الشفافية والمنافسة وتكافؤ الفرص، خاصة في قضايا حماية الحقوق الاقتصادية للأفراد، كالحق في الملكية وتدبير الصفقات العمومية.

وفيما يتعلق بالحق في الملكية، كشفت التظلمات الواردة على المؤسسة عن وجود اختلالات مست جوانب مختلفة من هذا الحق، سواء في ارتباطه بنزع الملكية، أو بوضع اليد على العقارات دون سند قانوني، أو بالتأخر في صرف التعويضات المستحقة، أو بعرقلة التصرف في الأملاك الخاصة.

كما رصدت المؤسسة تصرفات وممارسات تنطوي على مساس جوهري بالحق في الملكية، تستدعي تصنيفها ضمن الإشكالات المتعلقة بتملك العقارات واستغلالها.

أبرزت مؤسسة الوسيط اختلالات تمس الحق في بيئة سليمة، من أبرزها منح تراخيص لإحداث وحدات صناعية أو حرفية داخل الأحياء السكنية دون مراعاة دراسات الأثر البيئي.

وسجل الوسيط غياب التفاعل الجاد من قبل السلطات مع شكاوى المواطنين بشأن الأضرار الناجمة عن الأنشطة الملوثة، كتلك المتعلقة بالروائح والضوضاء والنفايات.

كما أشار إلى تضارب المواقف بين الجماعات الترابية والسلطات المحلية بشأن تنفيذ قرارات الإغلاق، مما يطيل أمد الأضرار الواقعة على السكان. وتعتبر الحكامة الإدارية والاقتصادية أساس التنمية المستدامة في المغرب. ويجب معالجة الاختلالات الإدارية لتعزيز ثقة المواطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى