دولي

فضيحة لافارج: شبكة مدفوعات غامضة بين شركة إسمنت وتنظيم إرهابي

تتواصل في باريس محاكمة شركة لافارج الفرنسية بتهمة تمويل تنظيمات إرهابية، وعلى رأسها داعش، خلال فترة عملها في سوريا. وتشمل المحاكمة الشركة كشخص اعتباري إلى جانب ثمانية متهمين، منهم أربعة مديرين فرنسيين سابقين ووسطاء سوريون ومسؤولان أمنيان أجنبيان. ومنذ انطلاق الجلسات ظهرت شهادات تكشف عن شبكة معقدة من الاتصالات والمدفوعات، بعضها يمتد إلى أجهزة الاستخبارات الفرنسية.

قدّم محامي المدير التنفيذي السابق للشركة إفادات تؤكد أن الاستخبارات الفرنسية كانت تستفيد من وجود لافارج في سوريا، مطالباً برفع السرية عن الوثائق الرسمية لمعرفة ما إذا كان هذا التعاون سبباً في إصرار الشركة على البقاء هناك. ورغم نفي شاهد من الاستخبارات الداخلية لأي تعاون أو طلب معلومات من موظفي الشركة، فإن متهمين آخرين أكدوا عكس ذلك، ومن بينهم مدير سابق قال إنه قدم معلومات للاستخبارات الخارجية الفرنسية، وأن الجهاز حاول توظيف بعض العاملين السابقين في المصنع.

وتشير الشهادات إلى أن لافارج واصلت نشاطها في سوريا رغم تدهور الأوضاع الأمنية وتوصيات السلطات الفرنسية بمغادرة البلاد منذ عام 2012. فبينما غادر الموظفون الفرنسيون، ظل المصنع يعمل بعمال سوريين، رغم انتشار الحواجز المسلحة وازدياد المخاطر ووقوع هجمات، الأمر الذي أثار استغرابهم ودفعهم لاحقاً إلى تقديم شكاوى عبر منظمات حقوقية.

واعترف عدد من المديرين السابقين بأن الشركة دفعت أموالاً لجماعات مسلحة مختلفة بهدف تسهيل مرور الشاحنات وضمان تنقل الموظفين، مشيرين إلى أن المدفوعات التي بدأت كحل مؤقت تحولت إلى ممارسة منتظمة، وأن الإدارة المالية كانت مطلعة على تغيير أسلوب الدفع عبر وسطاء سوريين منذ عام 2012.

وفي موازاة ذلك، كانت وكالة الأناضول قد نشرت عام 2021 وثائق تفيد بأن لافارج موّلت داعش بعلم الاستخبارات الفرنسية، وأن الطرفين تبادلا المعلومات حول هذه الاتصالات من دون أن تتخذ السلطات أي إجراء لإيقاف التمويل، ما أثار ردود فعل واسعة في ذلك الحين.

وتعود القضايا القضائية ضد لافارج إلى عام 2017 حين فُتح التحقيق بتهم تمويل الإرهاب، قبل أن تُضاف إليها تهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية التي أُسقطت مؤقتاً ثم أعيد فتحها عام 2021. وبعد سلسلة من القرارات القضائية، تمت إحالة الشركة وأربعة من مسؤوليها السابقين إلى المحاكمة في 2024، بينما تستمر الجلسات الحالية حتى 19 ديسمبر وسط تساؤلات حول تأثيرها على التحقيق الموازي المتعلق بجرائم ضد الإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى