مجتمع

فضائح تعاضدية ميلود معصيد.. إلى أين؟فساد مالي، محسوبية، وانتخابات على المقاس!!

منذ أمد ليس بالقصير، تحولت فيه التعاضدية العامة للتربية الوطنية (MGEN) من مؤسسة اجتماعية إلى إقطاعية خاصة، والتي تعيش على وقع اختلالات خطيرة، تتعلق بسوء التسيير، والتلاعب بالانتخابات، والفساد المالي، مما جعلها تتحول من مؤسسة تهدف إلى تقديم خدمات اجتماعية لفائدة رجال ونساء التعليم، إلى إقطاعية خاضعة لنفوذ رئيسها، ميلود معصيد، ومن يدور في فلكه.
ففي الوقت الذي يُفترض فيه أن تكون التعاضدية مؤسسة قائمة على مبادئ التضامن والشفافية، فإن التقارير والشهادات تشير إلى استشراء الزبونية والمحسوبية في التوظيفات، والتلاعب في الصفقات، وغياب الحكامة المالية، مما يهدد مستقبل آلاف المنخرطين الذين يدفعون اشتراكاتهم بانتظام، دون أن يلمسوا تحسنًا في الخدمات.
كيف لا ومع كل انتخابات مناديب التعاضدية العامة للتربية الوطنية، يتفاجأ المنخرطون بفرض شروط تعجيزية على المرشحين، مما يجعل العملية الانتخابية بعيدة عن أي شكل من أشكال الديمقراطية والشفافية، مما يجعل البعض يعتبرها انتخابات مغلقة ومفصلة على المقاس، حيث يتم تحديد فترة قصيرة جدًا لإيداع الترشيحات، وفرض وثائق إدارية لا يمكن الحصول عليها إلا من مقر التعاضدية بالدار البيضاء، مما أدى إلى إقصاء تلقائي لمئات المرشحين من المدن البعيدة، إضافة إلى رفض الإدارة تلقي الطعون في عمليات إقصاء غير مبررة لعدد من المرشحين، دون تقديم أي تبرير قانوني وكذا رفض تمكين المرشحين من تعيين مراقبين أثناء التصويت، مما يجعل العملية تفتقد لأبسط معايير النزاهة، وبالتالي غياب الشفافية في التصويت.
أما بخصوص الفرز، فيتم دوما في غياب المنخرطين، ودون تمكين المعنيين بالأمر من متابعة العملية، مما يزيد من الشكوك حول التلاعب في النتائج.
ومن ثمة اعتاد نساء ورجال التعليم على انتخابات محسومة مسبقًا لصالح المقربين من معصيد، مما يعزز هيمنته على المؤسسة، ويقضي على أي أمل في إصلاحها من الداخل.
وفي شأن ما يوصف بالاختلالات المالية الخطيرة المتمثلة في تبديد أموال التعاضدية في صفقات مشبوهة، فإن ميلود معصيد تُوجه إليه وإلى مكتبه الإداري اتهامات بارتكاب تجاوزات مالية خطيرة، حيث تشير تقارير داخلية إلى أن أموال التعاضدية تُصرف في مشاريع وطلبات عروض لا تخضع لأدنى معايير الشفافية، إضافة إلى تبديد الأموال دون حسيب أو رقيب، حيث إن قيمة المصاريف غير المبررة تجاوزت 100 مليار سنتيم خلال السنوات الأخيرة، كما تم تسجيل صفقات وهمية أو غير ضرورية، بعضها يتعلق بإصلاحات داخل التعاضدية، وأخرى بتجهيزات مشكوك في جدواها، ناهيك عما يعتبره متابعون تلاعبا في ميزانية التعاضدية عبر تضخيم الفواتير الخاصة بخدمات إدارية وطبية، مع استغلال المنصب لتحقيق مكاسب شخصية، إذ تشير الوثائق إلى أن الرئيس يحصل على تعويضات مالية مرتفعة بشكل غير مبرر، رغم أن منصبه داخل التعاضدية غير ربحي بطبيعته، وتمويل تنقلات وفنادق فاخرة داخل وخارج المغرب من أموال التعاضدية، لصالح أعضاء محسوبين على المكتب الإداري.
أما بخصوص ما اعتبره البعض بتوظيفات الزبونية لأبناء المسؤولين في مناصب عليا، فإنهم يؤكدون على أنه بدل أن تكون التعاضدية فضاءً للكفاءة والاستحقاق، فقد تحولت إلى وكر للمحسوبية والزبونية، حيث يتم توظيف العشرات من أقارب المسؤولين النقابيين والسياسيين دون أية مباراة أو معايير واضحة. ومن أبرز تلك التوظيفات المشبوهة نذكر؛ أيمن معصيد، ابن رئيس التعاضدية، والذي حصل على وظيفة داخل مندوبية الدار البيضاء في ظروف غامضة، هاجر الخرشي، شقيقة زوجة ميلود معصيد، والتي تم تعيينها براتب مرتفع، رغم عدم وضوح مهامها، حمدان ربيع، ابن قيادي في النقابة الوطنية الديمقراطية للمالية، والذي تم تعيينه دون اجتياز أي اختبار، المامون خولة، ابنة أحد قادة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، حيث حصلت على وظيفة دون إعلان رسمي، سارة زاهود، ابنة قيادي نقابي آخر، تم توظيفها رغم غياب الحاجة لمثل هذا المنصب… وهي تعيينات لا تعدو أن تكون نماذج بسيط لمئات التوظيفات المشبوهة التي تمت خلال السنوات الماضية داخل التعاضدية.
إن ما يحدث داخل التعاضدية العامة للتربية الوطنية يذكرنا بملف التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية (MGAP)، التي كان يترأسها عبد المولى عبد المومني، قبل أن يتم عزله من طرف السلطات بسبب اختلالات مالية وإدارية جسيمة، وصلت إلى القضاء وأدت إلى سجنه بتهم تبديد أموال عمومية واختلاسها، وإذا كان ميلود معصيد يواجه اليوم الاتهامات نفسها تقريبًا، فإن السؤال الذي يطرح بإلحاح هو؛ هل سيتحرك القضاء لفتح تحقيق في هذه الفضائح؟ وهل ستتم محاسبة المسؤولين عن الاختلالات المالية والإدارية؟ وهل سيتكرر سيناريو عبد المومني مع رئيس التعاضدية الحالية؟
وأمام هذه الفضائح المتتالية، فإن الأصوات داخل الجسم التعليمي تتعالى للمطالبة بالإصلاح والمحاسبة من أجل فتح تحقيق قضائي نزيه حول تدبير التعاضدية، يشمل الصفقات والتوظيفات المشبوهة، وفرض الشفافية في الانتخابات، وإلغاء الشروط التعجيزية أمام المرشحين، مع إعادة هيكلة التعاضدية، حتى تعود إلى دورها الأصلي في خدمة رجال ونساء التعليم، إضافة إلى إجراء افتحاص مالي شامل لكل العمليات المالية التي تمت خلال فترة رئاسة معصيد.


كما أن ذات الأصوات تتساءل إلى متى الإفلات من العقاب، لكون التعاضدية العامة للتربية الوطنية لا يمكن أن تستمر تحت قبضة لوبيات الفساد، التي تحولت إلى مافيا مالية وإدارية، تستفيد من أموال رجال ونساء التعليم، وتُكرّس الزبونية والمحسوبية، خاصة أمام تواطؤ بعض الجهات وصمت المسؤولين، وليبقى الأمل -حسب هؤلاء- معقودًا على الضغط النقابي والإعلامي والقضائي، من أجل كشف الحقيقة، ومحاسبة المتورطين، وإعادة الاعتبار لهذه المؤسسة الاجتماعية، التي وُجدت لحماية حقوق الشغيلة التعليمية، لا لخدمة مصالح قلة متحكمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى