الذكاء الاصطناعي في المغرب: تحديات قانونية وأخلاقية

يشهد المغرب تسارعًا في الاهتمام بالذكاء الاصطناعي، وسط جهود لمواكبة التحول الرقمي العالمي. لكن هذا التطور يطرح تساؤلات قانونية وأخلاقية حول كيفية تنظيم استخدام هذه التكنولوجيا بشكل يحترم الحقوق والحريات.
رغم صدور تقرير برلماني بعنوان “الذكاء الاصطناعي: آفاقه وتأثيراته”، إلا أن التقرير يفتقر إلى رؤية واضحة لإطار قانوني شامل. لا تزال هناك فجوات تشريعية في مواكبة سرعة تطور الذكاء الاصطناعي.
يعتمد الذكاء الاصطناعي على البيانات الشخصية كمادة خام. لكن في ظل غياب رقابة صارمة، تبقى هذه البيانات عرضة للاستغلال. القانون رقم 09.08 بحاجة إلى مراجعة جذرية تضمن حماية فعالة للخصوصية.
المؤسسات الخاصة والعامة مطالبة باحترام القانون عند استخدام الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، لا يسلّط التقرير الضوء بشكل كافٍ على مسؤولية هذه الجهات في حماية المعطيات الشخصية.
لم يعالج التقرير بشكل معمّق قضايا التحيّز في الخوارزميات أو تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق الشغل. هذه الجوانب الأخلاقية أساسية لضمان عدالة التكنولوجيا وعدم استخدامها بطريقة تمييزية.
من الضروري اعتماد قوانين صارمة، تشمل غرامات مالية كبيرة كما هو معمول به في اللائحة الأوروبية GDPR. يجب تجريم ممارسات مثل بيع البيانات أو تسريبها أو معالجتها دون إذن.
ينبغي تمكين اللجنة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية من صلاحيات تفتيش فوري، وإصدار أوامر إيقاف للأنظمة التي تشكّل خطرًا على الحقوق، بل والتمثيل القانوني للمتضررين.
المغرب بحاجة إلى استراتيجية وطنية متكاملة لتنظيم الذكاء الاصطناعي، تشمل تحديث القوانين، تعزيز الشفافية، وإشراك المجتمع المدني والباحثين في صياغة السياسات.
ليس الهدف الخوف من التكنولوجيا، بل ضمان أن تبقى خاضعة للقانون. الذكاء الاصطناعي يجب أن يخدم الإنسان، لا أن يتحكم فيه. فذكاء خارج القانون يمثل تهديدًا حقيقيًا، لا تقدّمًا.