
يواصل بنك المغرب دراسة مشروع الدرهم الرقمي، وهي عملة رقمية مركزية تهدف إلى تسهيل المدفوعات وتسريع التحويلات المالية. وأكد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، في يوليو 2025، أن المغرب يمضي قدمًا في هذا المشروع بالتعاون مع مؤسسات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وتهدف هذه الشراكة إلى تقييم الآثار الاقتصادية والتنظيمية للعملة الرقمية.
يخضع حاليًا مشروع قانون خاص بالأصول الرقمية للمراجعة في وزارة المالية، مما يدل على التزام المغرب بوضع إطار قانوني قوي لتنظيم هذا المجال. وتزداد أهمية هذه المبادرة مع اعتماد الاقتصاد المغربي على تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج والتجارة عبر الحدود، حيث تواجه هذه العمليات بطء الإجراءات وارتفاع التكاليف.
في عام 2024، شكلت التحويلات المالية حوالي 8% من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب، وبلغت قيمتها الإجمالية 117.7 مليار درهم. ومن المهم التمييز بين العملة الرقمية المركزية التي يشرف عليها البنك المركزي والعملات المشفرة غير المركزية التي يحظر تداولها في المغرب منذ عام 2017.
يشهد النظام المصرفي المغربي تحولًا سريعًا نحو الرقمنة، مدفوعًا برغبة في تعزيز السيادة الرقمية والاستقلال المالي والتقني. ويرى الباحث في الاقتصاد الرقمي، جمال الأمين، أن هذا التحول انعكس على تطور خدمات الدفع عبر الهاتف المحمول والمصرفية المفتوحة. ومع ذلك، لا تزال التحويلات المالية الدولية تعتمد بشكل كبير على شبكة سويفت.
ويضيف الأمين أن المغرب يسعى إلى توسيع شراكاته الاقتصادية مع أفريقيا وتعزيز سيادته الرقمية. ويرى الخبير في الذكاء الاقتصادي، أسامة الواسيني، أن تبني الدرهم الرقمي سيحدث تحولًا في الأداء المالي للمغرب، حيث سيساهم في تحسين سرعة وأمان التحويلات المالية عبر الحدود، وتقليل مخاطر الاحتيال وغسل الأموال.
يفتح الدرهم الرقمي آفاقًا جديدة للتسويات المباشرة مع الشركاء الإقليميين، ويضع المغرب في موقع أكثر مرونة في سلاسل القيمة العالمية. ويرى الواسيني أن تقليل الاعتماد على العملات الأجنبية سيخفف من تقلبات أسعار الصرف. كما يعزز هذا التوجه السيادة النقدية ويمنح السلطات قدرة أكبر على التحكم في السياسة المالية.
ويشدد جمال الأمين على أن التعاون مع البنوك المركزية الأجنبية لإنشاء قنوات تسوية مباشرة يعد خطوة حاسمة، لكنه يشترط أن يتم ذلك ضمن إطار قانوني صارم يحافظ على السيادة النقدية ويحد من المضاربات. ويدعو إلى إصدار نسختين من الدرهم الرقمي، واحدة للاستخدام المحلي وأخرى للتعاملات الدولية.
بدأ المسار نحو الدفع الرقمي في المغرب عام 2021 بدراسة معمقة لاستكشاف جدوى إصدار الدرهم الرقمي. وفي عام 2024، أصبح المغرب ضمن أكثر من 130 دولة تدرس إطلاق عملات رقمية للبنوك المركزية. ويؤكد الواسيني أن اعتماد الدرهم الرقمي سيساهم في تعزيز الشفافية المالية، مما يحد من مظاهر الفساد.
ويرى الخبير في التدبير والمالية، عبد الإله العطار، أن الدرهم الرقمي سيكون أداة أساسية في توسيع نطاق الشمول المالي بالمغرب. ويتطلب إطلاق العملة الرقمية وضع إطار قانوني متكامل يحدد تفاصيل الإصدار والتداول، ويضمن الالتزام بالمعايير الدولية. ويرى بلاج، الخبير في البلوكتشين، أن الإطار القانوني للدرهم الرقمي يجب أن يتضمن قواعد صارمة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
يواجه مشروع الدرهم الرقمي تحديات تنظيمية وأمنية وحقوقية معقدة. ويؤكد بلاج أن حماية المستخدمين من عمليات الاحتيال تتطلب قوانين صارمة. ويشير الواسيني إلى مخاوف تتعلق بإمكانية استخدام الدرهم الرقمي أداة للرقابة على التدفقات المالية للأفراد، مما قد يحد من حرية التصرف المالي.