
كشف مجلس المنافسة في تقريره السنوي عن ممارسات مقلقة في سوق التوزيع العصري بالمغرب. وأشار التقرير إلى تركز كبير يضعف المنافسة ويزيد من حدة التضخم الغذائي، رغم تحقيق هوامش ربح عالية في العديد من المنتجات الأساسية.
أظهر الرأي رقم ر/25/1 أن التوزيع العصري، الذي يشمل المساحات التجارية الكبرى والمتوسطة، يمثل قوة اقتصادية مؤثرة ولكن غير متوازنة. تستحوذ مجموعتا “مرجان” و”كارفور/أتيكاداو” على حوالي 82% من رقم معاملات القطاع، مما يخلق وضعًا شبه احتكاري قد يؤثر سلبًا على المنافسة العادلة.
تبلغ حصة مجموعة “مرجان” ما بين 35% و40%، تليها “كارفور” بنسبة تتراوح بين 25% و30%. وتتقاسم خمس سلاسل أخرى الحصة المتبقية التي لا تتجاوز 25% من السوق، وفقًا لمعطيات التقرير.
يرى مجلس المنافسة أن هذا التركز الشديد يمنح هذه السلاسل الكبرى “قوة تفاوضية مفرطة” تجاه الموردين، خاصةً المقاولات الصغرى والمتوسطة. وتضطر هذه المقاولات إلى القبول بشروط أداء مجحفة أو تقديم “هوامش ربح خلفية” تقتطع من أرباحها وتُحمّل في النهاية على المستهلك.
في تحليل لمستويات الربح، كشف التقرير أن العجائن الغذائية تُباع بهامش إجمالي بلغ في المتوسط 31.17% خلال الفترة بين 2021 و2023، وارتفع لدى بعض العلامات التجارية إلى أكثر من 36% سنة 2023. وبلغ هامش الربح في مركز الطماطم 25.42%، بينما تراوحت نسب الربح في المربى ما بين 13% و16%.
أشار التقرير إلى أن المتاجر العصرية تُراكم أرباحها من خلال الربح الأمامي (على الرف) والربح الخلفي المرتبط بشروط التوريد والتموقع داخل الفضاء التجاري، وهو ما وصفه التقرير بـ”ممارسات تفاوضية غير متوازنة”.
ومع ذلك، لم ينجح هذا التوزيع العصري بعد في اكتساح كل المنتجات. لا تزال بعض القطاعات الحيوية خاضعة لمنطق التجارة التقليدية، مثل الحليب المبستر الذي يُباع أكثر من 95% منه عبر البقالة وتجار الجملة. ولا تمثل المراكز التجارية العصرية في هذا المجال سوى 3.5%.
دعا مجلس المنافسة إلى ضبط توسع هذه المراكز ضمن سياسة تعمير تجاري متوازنة، تضمن توزيعها العادل داخل المدن والجهات، وتمنع تركزها في مناطق معينة أو احتكارها للعرض في قطاعات معينة. كما أوصى بضرورة تقنين العلاقة بين المراكز الكبرى والموردين، خاصة ما يتعلق بشروط الأداء وهوامش الربح الخلفية. يجب أيضًا وضع إطار تنظيمي خاص بالفضاءات التجارية الكبرى، يراعي مبدأ التنافسية العادلة ويضمن عدم الإضرار بالمقاولات الصغيرة أو المستهلك النهائي.
أقر المجلس بأن تطور هذه القنوات الحديثة يحمل فرصًا مهمة لتحديث التجارة وتقريب العرض، وشدد على ضرورة ربط هذا التطور بمنظور شمولي يراعي التوازن بين مختلف أنماط التوزيع. يجب إخضاع المراكز العصرية لقواعد شفافة تضمن فعالية السوق وعدالة الأسعار. يمكن الاطلاع على المزيد حول تطور قطاع التجارة في المغرب.
كما يجب مراقبة أسعار المواد الغذائية بشكل دوري لحماية المستهلك.
ويبقى الهدف هو تحقيق توازن عادل بين مصالح جميع الأطراف المعنية في السوق المغربية.