مجتمع

المغرب يُعلّق مرور السلع من مليلية ومدريد تُراهن على التفاهمات السابقة

أثار قرار المغرب توقيف مرور البضائع عبر الجمارك التجارية في مليلية المحتلة جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية الإسبانية، رغم التوضيحات الرسمية التي أكدت انسجام الخطوة مع بنود اتفاق ثنائي مع المغرب يمنح الطرفين مرونة تنظيم عبور السلع خلال فترات الذروة الموسمية، وعلى رأسها عملية عبور المضيق.

وزارة الشؤون الخارجية الإسبانية، التي يقودها خوسيه مانويل ألباريس، أكدت أن الاتفاق الموقع بين البلدين يتيح بشكل صريح توقيفًا مؤقتًا لتدفقات البضائع، وهو ما يضفي طابعًا قانونيًا على الخطوة المغربية التي تزامنت مع ذروة حركة الجالية المغاربية عبر مضيق جبل طارق. القرار لم يكن مفاجئًا للأوساط الجمركية، حيث أكدت مصادر أن الجانب المغربي بعث برسالة إلكترونية لنظيره الإسباني تفيد بالتوقيف المؤقت لعبور البضائع في الاتجاهين، وهو ما تجلى فعليًا في تعذر تمرير بعض الشاحنات من مليلية نحو المغرب.

وفي ظل هذا الوضع، حاولت مدريد امتصاص ردود الفعل المتوترة التي صدرت عن مسؤولي مليلية، وعلى رأسهم رئيس المدينة، خوان خوسي إمبرودا، الذي عبر عن استغرابه مما وصفه بـ”انفراد المغرب بالقرار دون تنسيق مسبق”، معتبرًا أن الرباط تملك الكلمة الفصل في هذه العلاقة، ومتهكمًا على طريقة إعادة فتح الجمارك التي وصفها بـ”المسرحية”.

رغم ذلك، فإن مصادر من مندوبية الحكومة الإسبانية في سبتة المحتلة أوضحت أن التنسيق الجمركي لا يزال قائمًا، وأن الجانبين يعملان على ضمان توازن بين عبور المسافرين وحركة البضائع خلال فترة عملية العبور، التي تمتد من 15 يونيو إلى 15 شتنبر وتشهد ضغطًا لوجستيًا كبيرًا بسبب الملايين من أفراد الجالية المغاربية العائدين إلى بلدانهم.

الحكومة الإسبانية شددت على أن استئناف الحركة التجارية المحدودة منذ بضعة أشهر فقط يُعد مكسبًا مهمًا ضمن خارطة الطريق الجديدة للعلاقات الثنائية، رغم أن التوترات المتكررة تكشف هشاشة هذه المكتسبات أمام مزايدات داخلية، خصوصًا من قبل الحزب الشعبي الإسباني، الذي استغل المستجد ليجدد انتقاده لسياسة الحزب الاشتراكي الحاكم، مستحضرًا موقفه من قضية الصحراء المغربية في سياق المزايدات السياسية.

في المقابل، لا تزال الأوضاع في سبتة أقل وضوحًا، حيث لم تصدر الجهات الرسمية معطيات مفصلة بشأن ما إذا كانت الجمارك ستتخذ إجراءات مماثلة، ما يترك المجال مفتوحًا أمام التأويلات إلى حين ورود توضيحات رسمية من مدريد.

قرار المغرب، الذي يبدو تقنيًا وإداريًا في جوهره، يكشف مرة أخرى مركزية البعد السيادي في تدبير حدوده التجارية، وقدرته على فرض إيقاعه الخاص في العلاقة مع الموانئ الإسبانية الواقعة تحت الاحتلال، ضمن مقاربة تراعي أولوياته اللوجستية خلال الفترات الحساسة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى