الحلقة الثانية : ملف “سطل الحلوى”

لم تكن جلسات الاستماع في هذا الملف العجيب سوى خيوطٍ تتشابك كلما اعتقد المحققون أنهم أمسكوا بطرفها.
فالمشتبه فيه الأول، رئيس الجمعية الحقوقية، ظلّ منذ الوهلة الأولى ينفي كل ما جاء على لسان “ع . س”، حامل سطل الحلوى المحشو بمخدر الشيرا واعتبر أن القضية ليست سوى مكيدة دبّرها شخصان؛ أحدهما فاعل اقتصادي معروف بآسفي ، والآخر منتخب محلي نافذ، وبرلماني قال إن بينه وبينهما عداوة قديمة بسبب شكايات رفعتها جمعيته الحقوقية التي يرأسها ضدهما.
وبرغم نفيه لأي علاقة بالمتهمين الآخرين، قال عن علاقته بالمشتبه فيها “س ”، مؤكداً أنها مجرد زميلة داخل الجمعية، بينما تربطه بالمشتبه فيه “س م” وهو مستثمر بصداقة فقط. ورغم رصد هواتفهم جميعاً في مركز بوكدرة لحظة توقيف الضحية ” ع س” حامل سطل المخدرات ، إلا أنه ادعى أنه لم يعد يتذكر لا سبب وجوده هناك ولا الأشخاص الذين رافقهم.
وفي المقابل، جاء تصريح المشتبه فيه الثاني وهو مستخدم لدى ” س. م ” ليزيد المشهد غموضاً، حين أكد أن تنقله بين فروع الشركة التي يعمل بها يفسر تواجد هاتفه بأماكن مختلفة، نافياً أي علاقة تربطه بالمدعوة “ك” التي اتهمها “ع س” بأنها كانت وراء الإيقاع به، ومؤكداً أنه كان حينها رفقة صديقته،
أما المشتبه فيها “ك”، فقد نفت نفياً قاطعاً أن تكون لها أي علاقة بمخطط الإيقاع بحامل سطل الحلوى، أو بالفاعل الاقتصادي المذكور،
غير أن نقطة التحول الكبرى جاءت عندما أُعيد الاستماع للمشتبه فيها “س “. فقد تراجعت بشكل مفاجئ عن إنكارها السابق، وكأن شيئاً انكسر بداخلها. جلست أمام المحققين وسردت، دون تردد هذه المرة، تفاصيل مكيدة امتزج فيها الانتقام بالعاطفة والحسابات القديمة.
حكت كيف أُنشئ الحساب الوهمي على “فيسبوك”، وكيف قُدمت للضحية شخصية معجبة بكتاباته الصحفية، وكيف جرى استدراجه إلى مراكش، ثم الطلب منه إحضار “سطل الحلوى” من آسفي، دون أن يعلم أن العلبة قد جرى حشوها بمخدرات صلبة ستصبح لاحقاً مفتاح سقوطه.
وأكدت أن التعليمات جاءت من رئيس الجمعية الحقوقية نفسه، ليوقع بحامل السطل ، سلسلة تشبه شبكات العنكبوت
خيط صغير في الظاهر، لكنه يلتف على صاحبه دون أن يشعر.
يتبع







