مجتمع

حوار قطاع التعليم في زمن برادة..بين مطرقة إصلاح معطل وسندان أجندات خفية!!

شهدت جولات الحوار القطاعي بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية فترة من التوافق والإنتاج السلس للقرارات التطبيقية المرتبطة بالنظام الأساسي الجديد، مما أعطى انطباعا بأن الإصلاح يسير بخطى ثابتة. لكن هذه الدينامية لم تدم طويلًا، حيث اصطدمت فجأة بعراقيل غير متوقعة، ما أثار استغراب الشغيلة التعليمية ودفعها للتساؤل عن الأسباب الحقيقية وراء هذا التعثر.
فعند تفحص المشهد، يتضح أن عوامل عدة لعبت دورًا حاسمًا في عرقلة مسار الإصلاح، أبرز عناوينها؛ تغييرات مفاجئة وصراعات داخلية، من بينها على سبيل المثال لا الحصر:

  • تعيين وزير جديد على رأس القطاع، ما أدى إلى إعادة ترتيب الأولويات وإبطاء وتيرة العمل.
  • عودة مدير الموارد البشرية بالنيابة بعد غياب طويل، والذي ظهر تأثيره ضعيفًا إلى منعدم في سير الحوار الاجتماعي.
  • تصاعد الصراعات حول إعادة التموقع داخل الوزارة بسبب الهيكلة الجديدة، مما أفرز حالة من الإرباك الإداري.
  • ملف الحركات الانتقالية المتسم بالمماطلة والتسويف، إذ ظهر التعثر بوضوح عند مناقشة مشروع قرار تنظيم الحركات الانتقالية، حيث بدا أن المسؤول عن الملف يتخذ نهجًا متعمدًا في إبطاء النقاش والتهرب من تقديم معطيات دقيقة تستجيب لمطالب النقابات، إذ بلغت العرقلة ذروتها عند إفشاله تنظيم أيام دراسية حول هذا الملف، بعدما كانت مقررة في يوليوز 2024، والتي لطالما طالبت بها النقابات، إلا أن الخشية من أن يتم تسليط الضوء على التجاوزات والاختلالات التي سبق أن كشفها تقرير المجلس الأعلى للحسابات، حالت دون ذلك.
    هي بعض من عوامل ساهمت في إفراز المأزق الراهن الذي بات أطر المنظومة يتساءلون معه عما إذا كان قدرهم أن يتم استغلالهم كورقة انتخابية؟ خاصة وأنه رغم قدرة الوزارة على إصدار قرارات كبرى في زمن قياسي، إلا أن ملف الحركات الانتقالية ظل يراوح مكانه لستة أشهر دون حسم، مما يطرح تساؤلات حول الدوافع الخفية لهذا التباطؤ، حيث يبدو أن الهدف هو إبقاء الحركات الانتقالية خاضعة لمذكرات تنظيمية فضفاضة، بدل إطار واضح يضمن العدالة والشفافية لرجال ونساء التعليم.
    إن المستقبل القريب يضع أمام الوزارة تحديات جسيمة في تنزيل مقتضيات النظام الأساسي الجديد، خاصة ما يتعلق بالإشكالات الفئوية، وتحديد المهام، وتقييم الأداء المهني. ومع اقتراب العد العكسي للاستحقاقات السياسية، تلوح مخاوف من أن تتحول هذه الملفات إلى أوراق انتخابية يتم التلاعب بها ظرفيًا دون حلول جذرية تعكس تطلعات الشغيلة التعليمية.
    فهل يمتلك وزير التعليم الجرأة لمواجهة معرقلي عجلة الإصلاح ومحاسبتهم؟
    وإلى متى سيظل منطق الترضيات والحسابات السياسوية الضيقة يعطل أي محاولة للإصلاح المنشود؟
    وهل -أصلا- هناك إرادة حقيقية للقطع مع ممارسات العرقلة والمماطلة داخل الوزارة؟
    وكيف سيتعامل الوزير مع المسؤولين الذين يضعون العراقيل أمام الإصلاح بدوافع غير مهنية؟
    وهل ستشهد الشغيلة التعليمية إصلاحًا حقيقيًا أم إن الأمر سيظل مجرد وعود مؤجلة قد ينتج عنها حراك تعليمي آخر، علما أن عيون العالم ترصدنا بسبب تنظيمنا لاستحقاقات هامة، أبرزها كأس أفريقيا وكأس العالم!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى