بعد مقتل أستاذة أرفود بشاقور على يد تلميذ..متى يصدر الوزير برادة بلاغ عزاء في موت ضميره؟

بقلم أستاذ غاضب من قلب المدرسة العمومية الجريحة.
في بلد ما زال الأستاذ فيه يتم نحره رمزيا كل يوم، جاءت جريمة أرفود لتجسد القتل الحرفي والمادي لأستاذة على يد تلميذ باستعمال شاقور. مأساة مروعة، لا تحتمل الصمت، ولا يغتفر أمامها التجاهل، ومع ذلك، اختارت وزارة برادة أن تطيل صمتها، في موقف بارد حد التجمد، بليد حد الجحود.
الأستاذة التي اغتيلت كانت تمارس مهمتها النبيلة، تنشر نور المعرفة، وتؤدي رسالتها كما يجب. لم تكن مجرد موظفة، بل كانت شاهدة على بقايا ما تبقى من كرامة المهنة، قبل أن تفجع الأسرة التعليمية قاطبة بخبر مقتلها، وتفجع أكثر بصمت وزارتها.
أليس من المفجع أن تصدر النقابات والهيئات الحقوقية والجمعيات وحتى وسائل الإعلام بيانات تعزية ومواساة، بينما الوزارة المعنية اختارت أن “تشاح ببصرها”؟
ألم يكن الأجدر بوزير التربية أن يعبر، على الأقل، عن موقف إنساني بسيط؟ أم أن الأستاذة المقتولة لا تندرج في خانة “التجهيزات البيداغوجية” التي تحظى بعناية الوزارة واهتمامها؟!
يبدو أننا في عهد وزير لا يرى في نساء ورجال التعليم سوى أرقام مسجلة على قاعدة بيانات إلكترونية، تعامل بنفس منطق الطاولات والسبورات والحواسيب. لا حس إنساني، ولا وازع أخلاقي، ولا حتى مجاملة سياسية.
صدمة ثانية بعد الجريمة، أكثر قساوة من الأولى، لأنها تحمل دلالة رمزية قاتلة؛ “غياب الاعتراف الرسمي بأن حياة الأستاذ(ة) لها قيمة”!
قد نختلف كثيرا مع وزراء ومسؤولين سابقين، ولكنهم على الأقل كانوا يدركون أن الكلمة أحيانا تساوي موقفا، وأن احترام الأطر التربوية والإدارية يبدأ من لحظة الوقوف إلى جانبهم في المحن. أما وزارة برادة، فقد قررت أن تمضي في طريق التجاهل، وتتعامل مع الجريمة وكأنها “واقعة معزولة” لا تستحق التوقف عندها.
فليجبنا السيد الوزير؛ أليست هذه الجريمة جرس إنذار يفرض وقفة وطنية لتقييم ما آل إليه الوضع داخل المدرسة العمومية؟
أليست فرصة للقطع مع منطق التسيب والانفلات واللامبالاة؟
أم أن المطلوب أن نستعد لحفلات تأبين أخرى، بصمت رسمي أكثر خذلانا؟
إننا لا ننتظر من الوزير دموعا ولا شعارات، بل فقط موقفا يعيد للمدرس اعتباره. وإذا تعذر عليه إصدار بلاغ تعزية في فقيدة المؤسسة، فليصدر لنا بلاغا واحدا فقط؛ بلاغ عزاء في موت الضمير المهني والإنساني داخل دواليب وزارته.
ولعلها ستكون المرة الأولى التي يشعر فيها نساء ورجال التعليم أن الوزارة تجرأت على قول الحقيقة… وإن كانت متأخرة حد العار.