المغرب يواجه الجفاف بتقليص فاتورة الطاقة بتمويل من صندوق النقد

كشف تقرير حديث صادر عن مؤسسة “فيتش سلوشن” أن المغرب تلقى دفعة جديدة بقيمة 496 مليون دولار من صندوق النقد الدولي. هذا التمويل يأتي في إطار “تسهيل الصمود والاستدامة” (RSF) لدعم خطط الحكومة المغربية في مواجهة تحديات ندرة المياه وتقليل الاعتماد على الطاقة المستوردة.
ستوجه هذه الأموال إلى مشاريع حيوية مثل تحلية مياه البحر، إعادة تدوير المياه، بناء السدود، وتطوير شبكات توزيع المياه. هذه المشاريع تهدف إلى تعزيز قدرة المغرب على التكيف مع آثار الجفاف المتزايد.
ووفقًا للتقرير، تمثل هذه الدفعة الأخيرة جزءًا من برنامج RSF الذي بدأ في عام 2023، ليصل إجمالي التمويل الذي حصل عليه المغرب إلى 1.24 مليار دولار، أي ما يعادل حوالي 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي. هذا المبلغ يقل قليلاً عن التقديرات الأولية التي وضعها صندوق النقد عند 1.32 مليار دولار.
نجحت الحكومة المغربية في تنفيذ 16 إصلاحًا من أصل 17 إصلاحًا التزمت بها بموجب الاتفاق مع صندوق النقد. هذا الأداء المتميز سمح للمغرب بالاستفادة الكاملة من التمويل، الذي يعول عليه لتقليل المخاطر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث الطبيعية، وعلى رأسها الجفاف.
تتوقع “فيتش سولوشن” أن يخصص المغرب 11.8% من هذا القرض الأخير في ميزانية 2025 للاستثمار في مشاريع المياه والبنية التحتية، كجزء من خطة وطنية شاملة. من بين أبرز هذه المشاريع، البرنامج الوطني لتزويد مياه الشرب والسقي (PNAEPI)، الذي يمتد من 2020 إلى 2027 بتكلفة تقدر بـ 14.3 مليار دولار.
هذا البرنامج جزء أساسي من المخطط الوطني للماء 2020-2050 (PNE)، الذي يهدف إلى تأمين الموارد المائية للمملكة على مدى العقود الثلاثة القادمة. سيتم ذلك من خلال إنشاء محطات تحلية المياه، إعادة تدوير المياه، بناء السدود، وتحديث شبكات النقل والتوزيع.
نظرًا لاستهلاكها الكبير للطاقة، سيتم دمج هذه المشاريع، وخاصة محطات التحلية وإعادة التدوير، في خطط الانتقال الطاقي للمغرب. الهدف هو تقليل فاتورة واردات الطاقة من خلال الاعتماد المتزايد على الطاقات المتجددة.
بالإضافة إلى البعد المناخي، يهدف البرنامج إلى تعزيز الاستقرار المالي وتقليل عجز الميزانية. التمويل بشروط ميسرة وفترات سداد مريحة سيساعد على تخفيف أعباء خدمة الدين على الخزينة العامة.
تضمن البرنامج أيضًا تدابير إصلاحية، مثل دمج مخاطر المناخ في تحليل استدامة الدين العام والإلغاء التدريجي لدعم غاز البوتان، مما سيؤدي إلى تقليل النفقات العامة بشكل ملحوظ.
أشارت المؤسسة إلى أن الحكومة لم تنفذ الإصلاح الوحيد المتعلق بإلغاء الإعفاءات الضريبية على المحروقات، وهو مطلب لصندوق النقد. يُعزى هذا التأجيل إلى التداعيات التضخمية المحتملة، خاصة في ظل استمرار الضغوط على القدرة الشرائية للمواطنين بعد ارتفاع الأسعار في 2022 و2023، وتسجيل زيادات إضافية في الربع الأول من عام 2025.
أكد المصدر نفسه أن الحكومة المغربية لن تفرض ضريبة كربون صريحة في عام 2025، رغم أنها كانت من بين الإصلاحات الموصى بها، وذلك لتجنب تأجيج التوتر الاجتماعي.
فيما يتعلق بالعلاقات التجارية مع أوروبا، ذكر التقرير أن ضريبة الكربون الأوروبية الجديدة (CBAM)، التي ستدخل حيز التنفيذ الكامل في يناير 2026، لن تؤثر بشكل كبير على الصادرات المغربية. ومع ذلك، قد تدفع بعض الصناعات إلى تغيير وجهات صادراتها.
يعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للمغرب، حيث استورد حوالي 63.5% من صادراته في عام 2023. ومع ذلك، فإن نسبة المنتجات المغربية المعنية بضريبة الكربون الأوروبية تشكل 15% فقط من إجمالي صادرات المغرب المشمولة بالآلية، أي ما يعادل 4.4% من الناتج المحلي الإجمالي.
تشمل هذه المنتجات الأسمدة الكيماوية، التي قد تواجه تراجعًا طفيفًا في قدرتها التنافسية في السوق الأوروبية بسبب الرسوم الكربونية الجديدة.