فن وثقافة

المسرح الأمازيغي يلهب ركح مهرجان ربيع المسرح بالسخرية السوداء المستلهمة من التراث الشعبي

ليلة الثلاثاء 27 ماي 2025، كان لجمهور مدينة تارودانت موعد مع عرض مسرحي مميز ضمن فعاليات النسخة الثالثة من ربيع المسرح بتارودانت ، حيث احتضن الفضاء المسرحي عرضاً ناطقاً بالأمازيغية ، قدّمته بنجاح كبير جمعية “أرت ݣانة” من تزنيت ، بعنوان “تݣات ن واكتير” ، و هي مسرحية مستلهمة من فن “إيصوابن”، أحد أشكال الفرجة الشعبية العريقة المنتشرة في منطقة تزنيت وسوس عامة ، و التي تعتمد في عروضها على الأقنعة ، و تغيير الاصوات ، و ارتداء الملابس الغريبة .

و تدور أحداث المسرحية حول شخصيات أسطورية متجدرة في الذاكرة الجماعية
الامازيغية ، بينها ” الحزان، الحاج، تاوايا، شميحة، وحماد كتوبر ” ، شخصيات كلها شاركت في نسج أحداث قصة فرقة “إيصوابن” التي تجوب مختلف القرى و المداشر لنشر الوعي وسط مجتمعات طغى عليها الخوف والجهل ، حتى باتت ترفض كل مبادرات الإصلاح و التغيير ، بل و تبتدع طقوساً وأغاني تمجّد التخلف و تحتقر كل محاولة للتقدم .

بأسلوب شاعري وسخرية سوداء لاذعة ، حمل العرض خطاباً سياسياً قوياً، تجاوز الانتقاد المؤلوف للنخب الحاكمة ، ليلقي هذه المرة بسؤال المسؤولية على المجتمع ، ففي أحد مشاهد المسرحية تسعى الدولة لربط القرية بالكهرباء ، فيقوم أحد أبنائها بقطع السلك الكهربائي ، مما يؤدي إلى وفاته في الحين ، لتتحوّل جنازته إلى طقس احتفالي يمجّد انتصاره للظلام و استمرارية الجهل .
أما في مشهد آخر فالدولة ارادت توسعة الشبكة الطرقية و فك العزلة على المدشر و ربطه بقنطرة ، ليقوم أهلها بتدميرها و طرد الفقيه من المسجد في مشهد يحتفي بالجهل و يقدس الأمية.

تيمات و غيرها من المفارقات المعكوسة، شكّلت جوهر العرض المسرحي الامازيغي الذي مزج بين الكوميديا السوداء و الفرجة الشعبية ، لينقل المتفرج في رحلة فنية غنية مستلهمة من التراث المغربي المتنوع ، و يعكس واقع الناس و طقوس حياتهم اليومية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى