سياسة

تقرير ينتقد غياب الشفافية في إصلاح التقاعد ويحذر من تبعاته على الأجراء

سلّط تقرير مشترك لمرصد العمل الحكومي ومركز الحياة لتنمية المجتمع المدني الضوء على المقترحات الحكومية الخاصة بإصلاح أنظمة التقاعد في المغرب، والتي تشمل توحيد الأنظمة، رفع سن التقاعد، وزيادة قيمة الاشتراكات. التقرير أثنى على اعتماد الحكومة لمقاربة تشاركية في الحوار الاجتماعي، لكنه انتقد في المقابل غياب الشفافية بخصوص الدراسة الاكتوارية وعدم تحميل الدولة مسؤولية الاختلالات البنيوية التي تسببت في الأزمة منذ عقود.

التقرير اعتبر أن الحكومة تمضي في مسار إصلاح أنظمة التقاعد في المغرب بشكل منفرد، مع التركيز على إجراءات تمس الأجراء بالدرجة الأولى، دون مساهمة حقيقية من الدولة، رغم مسؤوليتها التاريخية في العجز الحاصل. من بين المقترحات الحكومية التي ناقشها التقرير: تحديد سقف موحد للنظام الأساسي يعادل ضعفي الحد الأدنى للأجور، اعتماد نظام نقط بدل النسبة المئوية في احتساب المعاش، إلغاء قاعدة أجر السنوات الثماني الأخيرة، واحتساب التقاعد على طول مدة العمل، إضافة إلى فرض معاش تكميلي إجباري وآخر اختياري.

المرصد أشار إلى بعض النقاط الإيجابية في مقترحات الإصلاح، مثل إشراك الفرقاء الاجتماعيين في النقاش وتحديد جدول زمني واضح، بالإضافة إلى تقسيم الأنظمة إلى قطب عمومي وآخر خاص، لكن في المقابل انتقد بشدة ما وصفه بـ”التكتم غير المبرر” على نتائج الدراسة الاكتوارية، وإلزام النقابات والفرقاء بعدم تسريب مضامينها، في ملف يُعتبر من صميم القضايا المجتمعية.

التقرير ذكر أن من بين أسباب الأزمة غياب الدولة عن سداد مستحقاتها تجاه صناديق التقاعد، ما فاقم العجز البنيوي، إلى جانب ديون تقارب 7 ملايير درهم تخص نظام المعاشات العسكرية. كما انتقد غياب أي خطة لتحسين مردودية استثمارات الصناديق أو تقييم طرق تسييرها، رغم تواتر التقارير التي نبهت إلى سوء التدبير والهدر المالي.

في تقييمه العام، يرى المرصد أن الحكومة تبنّت مقاربة ذات اتجاه واحد تقوم على رفع سن التقاعد، خفض المعاشات، وزيادة الاشتراكات، وهو ما يضع العبء الكامل على الأجراء والموظفين، دون معالجة حقيقية لجذور الأزمة. التقرير لاحظ كذلك ضعف التواصل الحكومي بشأن الملف، واقتصار النقاش داخل جلسات الحوار الاجتماعي دون إشراك الرأي العام.

وأوصى التقرير باعتماد إصلاح تدريجي يمتد على مدى عشر سنوات على الأقل، مع تحميل الدولة مسؤوليتها في تسديد مستحقاتها التاريخية منذ سنة 1959 وحتى 1997، والتي تقدّر بأكثر من 25 مليار درهم. كما دعا إلى تحسين مردودية الاستثمارات بنسبة لا تقل عن 8 إلى 9 في المائة سنويًا، ورفع استثناء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من تدبير أمواله الاحتياطية، ما من شأنه تقليص العجز وضمان الاستدامة.

التقرير شدد أيضًا على ضرورة إعفاء من تجاوز سنهم 55 عامًا من أي أثر للإصلاحات المرتقبة، مع الحفاظ على الحد الأدنى للمعاش في حدود 1800 درهم، وضمان الانتقال السلس بين القطاعين العام والخاص من حيث أنظمة التقاعد، بما يسهل حركية الأجراء. كما طالب بوضع قانون إطار يُلزم جميع الفاعلين بتنزيل الإصلاح، ويتضمن رؤية واضحة، تشمل أيضًا إصلاح صندوق المقاصة والنظام الجبائي، بما في ذلك الضريبة على الدخل، في إطار رؤية شاملة تحمي القدرة الشرائية للمتقاعدين.

وفي الأخير، شدد التقرير على ضرورة إقرار إجراء ضريبي تضامني لتمويل ورش الحماية الاجتماعية بشكل عام، وأنظمة التقاعد بشكل خاص، مع تقليص زمن الإصلاح في أفق سنة 2024 كحد أقصى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى