مجتمع

مباراة توظيف الأساتذة المساعدين بمراكز التكوين..نزاهة مفقودة وصمت رسمي مريب!!

في كل مرة تعلن فيها لوائح المترشحين المقبولين لاجتياز المرحلة الثانية من مباراة توظيف الأساتذة المساعدين بمراكز التكوين، يتجدد سؤال النزاهة والشفافية، في ظل غياب تام لأي توضيح رسمي من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وتجاهل النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية لهذا الملف الذي بات يشكل مصدر قلق واسع في صفوف المترشحين وعموم الفاعلين التربويين.
لقد تحولت هذه المباراة، التي انطلقت رسميا في الثاني من نونبر 2024 إلى ما يشبه المسلسل العبثي الذي امتد لما يقارب ثمانية أشهر دون أن تلوح النتائج النهائية في الأفق.

هذا التأخير غير المبرر، والذي يفتقر إلى أي تواصل مؤسساتي، يعكس تخبطا إداريا وفشلا واضحا في التدبير، ويتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى -حسب مراقبين- المدير السابق لمديرية التكوين وتنمية الكفاءات، الذي أشرف على تعيين لجان علمية توصف بكونها الأضعف في تاريخ الوزارة، سواء من حيث الكفاءة أو من حيث احترام مبادئ الاستقلالية والموضوعية.

هذا المسار المرتبك للمباراة أعاد إلى الواجهة المطالب المتزايدة من داخل صفوف أساتذة التعليم العالي بضرورة توقيف هذه المباراة، لما قد يترتب عنها من انعكاسات سلبية على جودة التكوين بمراكز التكوين، وعلى صورة هذه المباريات التي يفترض أن تفرز كفاءات حقيقية تسهم في النهوض بمنظومة التكوين التربوي، لا أن تعيد إنتاج الرداءة والمحسوبية. ومما يزيد الوضع احتقانا أن النتائج النهائية -حسب المؤشرات- لن تعلن قبل العطلة الصيفية، وهو ما يعزز فرضية استمرار حالة الترقب والاحتقان إلى أجل غير معلوم.

أمام هذا الوضع غير السوي، تبرز مطالب بإلغاء هذه المباراة برمتها، وإعادة تنظيمها على أسس جديدة تستجيب لمبادئ تكافؤ الفرص، والنزاهة، والشفافية، مع إقرار معايير موحدة وواضحة، بدءا من تكوين لجان علمية ذات كفاءة واستقلالية، مرورا بشروط الترشيح، وانتهاء بإعلان النتائج ضمن آجال معقولة.

ومن بين أبرز مظاهر الاختلال التي وثقت في هذه المباراة، القبول بمترشحين تجمع الأوساط المهنية على ضعف أدائهم، وتورط بعضهم في ممارسات مشينة وسوابق تأديبية، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول المعايير المعتمدة في الانتقاء الأولي. فهل يعقل أن يمنح هؤلاء فرصة ولوج مراكز التكوين، في الوقت الذي تقصى فيه كفاءات مشهود لها بالنزاهة والعطاء العلمي والمهني؟
ويعد غياب رأي الرؤساء المباشرين في ملفات الترشيح أحد أهم الأخطاء القاتلة التي شابت هذه المباراة، إذ تم تجاهل مقتضى أساسي ينص عليه النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، والمتعلق بتقييم السيرة المهنية للموظف، ما أفقد لجنة الانتقاء نظرة شمولية عن أهلية المترشح من الزاوية الإدارية والمهنية.

ولا يقل خطورة عن ذلك واقع بعض أعضاء اللجان العلمية أنفسهم، الذين يفتقر عدد منهم إلى المسار العلمي الرصين أو الإنتاج الأكاديمي الجاد، بل إن تعيينهم في هذه المواقع تم في سياقات مشبوهة، كجزء من تفاهمات ظرفية بين الوزارة وبعض النقابات، مما يضرب في العمق مبدأ استقلالية القرار الأكاديمي.

في ضوء كل هذه الاختلالات، يظل مطلب أغلب دكاترة القطاع واضحا؛ إلغاء هذه المباراة وإعادة بنائها من جديد وفق معايير شفافة، تحفظ كرامة المترشحين، وتعيد الثقة في مؤسسات الدولة. أما إذا استمر هذا الصمت المريب، وتواصلت هذه الممارسات، فإن الأمور مرشحة للتصعيد، خصوصا مع اقتراب موعد تنظيم المباراة الثانية، في ظل مناخ مهني متوتر وساخط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى