رئيس النيابة العامة: قانون العقوبات البديلة يخدم الأطفال المتابعين قضائيا

أكد هشام بلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، أن القانون 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة يمثل رؤية جديدة لمعالجة قضايا الأطفال الذين يوجدون في تماس مع القانون، بعيدًا عن العقوبات السالبة للحرية.
وفي كلمته خلال اللقاء الوطني حول تنزيل العقوبات البديلة في ضوء العدالة الصديقة للأطفال، المنعقد اليوم الاثنين بمدينة الصخيرات، شدد بلاوي على أن هذا القانون يمنح القضاء صلاحية استبدال العقوبات الحبسية بتدابير بديلة، تمكن الطفل من تنفيذ العقوبة في بيئة طبيعية، ما يساهم في إصلاح سلوكه ودمجه في المجتمع، مع الحفاظ على مشاركته في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
وأوضح أن الرؤية الملكية التي عبر عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، في أكثر من مناسبة، تركز على ضرورة حماية الطفولة باعتبارها ركيزة الرأسمال اللامادي للمغرب، كما تدعو إلى اعتماد سياسة عمومية تجعل الطفل في صلب اهتمامات الدولة.
وأشار بلاوي إلى أن النيابة العامة، منذ تأسيسها، أولت اهتمامًا خاصًا لقضايا الأطفال، من خلال عدد من المناشير والدوريات التي دعت فيها قضاة النيابة العامة إلى تفعيل النصوص القانونية بما يراعي المصلحة الفضلى للطفل، وهو ما تم تجسيده في الدورية رقم 18 الصادرة بتاريخ 11 دجنبر 2024، التي دعت إلى تدارس مقتضيات القانون الجديد قبل دخوله حيّز التنفيذ، واستباق التحديات التي قد تطرح أثناء تطبيقه.
وأكد المسؤول القضائي أن هذا اللقاء الوطني يهدف إلى تعميق الفهم القانوني السليم لمقتضيات العقوبات البديلة، وبحث أنجع السبل لتنزيله بشكل يوازن بين احترام نصوص القانون وضمان مصلحة الأطفال المعنيين، انسجامًا مع التوجهات الدولية في مجال حقوق الطفل.
وشدد على أن العقوبات السالبة للحرية يجب أن تكون الملاذ الأخير في التعامل مع الأحداث الجانحين، في حين يجب تفعيل البدائل الممكنة مثل العمل لفائدة المصلحة العامة أو التدابير الرقابية الخاصة، وغيرها من العقوبات التي تحترم إنسانية الطفل وتراعي ظروفه الاجتماعية والنفسية.
واعتبر بلاوي أن العقوبات البديلة للأطفال في المغرب ليست فقط وسيلة لتقليص الاكتظاظ داخل السجون، بل هي أيضًا مدخل لتحقيق عدالة ترميمية وإنسانية، خاصة وأن السجن قد يشكل بيئة خطرة على الطفل، ويؤدي إلى تطبيعه مع السلوك الإجرامي بفعل الاحتكاك مع نزلاء أكبر سنًا وأكثر خطورة.
وختم بالقول إن اعتماد هذا النوع من العقوبات يعكس نضج المجتمع وقدرته على إنتاج حلول حضارية لحماية أطفاله، مؤكدا أن الأمر لا يتعلق بخيار قانوني فحسب، بل برؤية أخلاقية تحمي مستقبل الطفولة المغربية.