مجتمع

موجة الحر تهدد الفلاحة المغربية خسائر في المحاصيل واستنزاف للمياه

شهد المغرب خلال الأيام القليلة الماضية موجة حر غير مسبوقة، حيث سجلت درجات الحرارة مستويات قياسية بلغت 46 درجة مئوية في عدد من المناطق، متجاوزة المعدلات الموسمية بما بين 10 و15 درجة، الأمر الذي أثار قلقاً واسعاً حول التأثيرات المحتملة على القطاع الفلاحي، خاصة الأشجار المثمرة والخضروات، في فترة حساسة تتزامن مع نضج الفواكه الموسمية والزيتون.

وأفاد سعيد قروق، أستاذ علم المناخ، في تصريح لجريدة “العمق”، أن موجات الحر التي اجتاحت المملكة خلال شهر يونيو تُعد استثنائية مقارنة بالمعايير المناخية القديمة، موضحاً أن هذا الارتفاع الحاد في درجات الحرارة يؤدي إلى تسريع نضج المحاصيل عبر ظاهرة “تبخر النتح” الناتجة عن الضغط الحراري، وهو ما يفرض استجابات سريعة من طرف النباتات قد تؤثر سلباً على جودة المنتوجات الفلاحية.

من جهته، أكد محمد بن عبو، الخبير في المناخ، أن هذه الظروف المناخية القاسية تضر بشكل واضح بالأشجار المثمرة، لا سيما الحوامض والبواكر، التي توجد في مرحلة دقيقة من النمو والإثمار، مضيفاً أن استمرار موجات الحر لأيام متتالية يؤدي إلى تراجع جودة المنتوج وتسريع وتيرة نضجه، ما قد يتسبب في خسائر مباشرة للفلاحين.

وأشار بن عبو إلى أن حتى الفلاحة المغطاة، رغم قدرتها على مقاومة جزء من التأثيرات المناخية، لم تعد بمنأى عن الخطر، حيث يمكن أن تتأثر بدورها نتيجة الارتفاع المتواصل لدرجات الحرارة وتراجع فعالية الحماية المناخية التي توفرها الأغطية.

وأضاف الخبير أن المغرب يعيش وضعاً مناخياً دقيقاً يتسم بجفاف مستمر منذ سنوات، ما يزيد من هشاشة المنظومة البيئية ويضاعف حاجة المحاصيل الزراعية إلى مياه السقي بمعدل يتجاوز بثلاثة أضعاف المعدل الطبيعي، محذراً من أن المحاصيل الربيعية، خاصة تلك التي توجد في مراحل الإزهار أو بداية عقد الثمار، تبقى الأكثر عرضة للخطر خلال هذه الفترة.

ويؤكد المختصون أن هذه التغيرات المناخية المتسارعة تفرض تحديات إضافية على الفلاحين المغاربة، في قطاع يُعد ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني ومصدراً رئيسياً لعيش ملايين الأسر، وسط تحذيرات متزايدة من تكرار موجات الحر وتأثيرها على الأمن الغذائي للبلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى