المغرب يمتلك 6.9 ملايين طن من اليورانيوم: ثورة في الطاقة النووية من الفوسفاط

لطالما كان الفوسفاط أحد أعمدة الثروة الطبيعية في المغرب، واستُخدم أساسًا في إنتاج الأسمدة، ثم لاحقًا في تصنيع بطاريات الليثيوم. لكن دراسة مغربية حديثة كشفت عن استخدام ثالث للفوسفاط قد يغيّر المعادلة بالكامل: استخراج اليورانيوم الخفي من صخوره، بهدف تشغيل مفاعلات نووية لتحلية مياه البحر وتوليد الطاقة.
هذا الاكتشاف يأتي في وقت يعاني فيه المغرب من أزمة مائية حادة، بسبب توالي سنوات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة. وحسب تقارير أممية، انخفض نصيب الفرد من المياه إلى أقل من 600 متر مكعب سنويًا، وهو ما يضع البلاد في خانة “الندرة المائية الشديدة”. ومع تزايد الطلب على المياه في الفلاحة والصناعة والمدن، تبدو تحلية مياه البحر خيارًا لا مفر منه، لكنه مكلف بسبب حاجته إلى طاقة عالية، غالبًا ما تعتمد على الوقود الأحفوري الملوث للبيئة.
الدراسة، التي أنجزها باحثون من جامعة شعيب الدكالي بالجديدة، تقترح بديلًا عمليًا: استخدام المفاعلات النووية لتشغيل محطات تحلية المياه. هذه التقنية تعتمد على حرارة المفاعل لتبخير مياه البحر وفصل الأملاح، مما يجعلها أكثر كفاءة وأقل كلفة على المدى الطويل. غير أن التحدي الأكبر يبقى في توفير اليورانيوم، وهو الوقود الأساسي للمفاعلات.
وهنا تأتي المفاجأة: المغرب يتوفر على احتياطي ضخم من اليورانيوم “غير التقليدي” داخل صخور الفوسفاط. ووفق الدراسة، يحتوي المغرب على نحو 6.9 ملايين طن من اليورانيوم الممزوج في الفوسفاط، ما يجعله مؤهلا ليكون من بين أكبر منتجي اليورانيوم المستخرج من الفوسفاط على مستوى العالم.
عند معالجة الفوسفاط لإنتاج الحمض الفوسفوري المستخدم في صناعة الأسمدة، يذوب جزء كبير من اليورانيوم فيه، ويمكن استخلاصه من هذه العملية دون الحاجة إلى استخراج خامات جديدة. ويُقدّر أن أكثر من 80% من اليورانيوم الموجود في الفوسفاط يتحلل داخل الحمض، مما يسهل عملية فصله.
الدراسة استعرضت ثلاث طرق رئيسية لاستخلاص هذا اليورانيوم. أولها: الاستخلاص بالمذيبات، وهي طريقة شائعة لكنها قد تُنتج مواد ملوثة. ثانيًا: التبادل الأيوني باستخدام راتنجات صناعية تلتقط أيونات اليورانيوم بدقة. وثالثًا: تقنيات الأغشية والفصل الفيزيائي مثل التناضح العكسي والفصل النانوي، وهي أكثر أمانًا بيئيًا لكنها لا تزال قيد التطوير وتحتاج استثمارات كبيرة.
استغلال هذا المورد يوفر للمغرب فرصًا استراتيجية كبرى: تحقيق الاستقلال الطاقي، تأمين مصادر مياه جديدة عبر التحلية النووية، وتحقيق نمو صناعي متكامل بربط الفوسفاط بصناعات الطاقة. كما يعزز مكانة المغرب كقوة ناشئة في سوق الوقود النووي، ويواكب التوجه العالمي نحو الطاقات النظيفة.
لكن هذا الطموح لا يخلو من التحديات. استخلاص اليورانيوم من الفوسفاط لا يزال مكلفًا مقارنة بالمصادر التقليدية. كما أن المغرب بحاجة إلى تطوير بنيته التحتية النووية، وضع تشريعات واضحة لتنظيم النشاط، وضمان إدارة آمنة للنفايات المشعة.
رغم ذلك، تبقى الفرصة سانحة أمام المغرب ليُحدث ثورة جديدة من صلب صخر الفوسفاط، تضعه في قلب التحول الطاقي والمائي العالمي.