
تواجه مراكز الاتصال في المغرب تحديات كبيرة بعد اعتماد البرلمان الفرنسي قانونًا جديدًا يقيّد التسويق الهاتفي. القانون، الذي دخل حيز التنفيذ في ماي الماضي، يحظر التسويق الهاتفي دون موافقة مسبقة وصريحة من المستهلك، مع عقوبات صارمة تصل إلى غرامات كبيرة وسجن في حالات الانتهاكات المتكررة. هذا القانون يهدد بخسارة آلاف الوظائف في قطاع مراكز الاتصال المغربي.
تعتبر صحيفة “Libération” الفرنسية هذا القانون بمثابة “زلزال قادم” لقطاع مراكز الاتصال في المغرب، خاصة وأن السوق الفرنسي يمثل أكثر من 80% من نشاط هذه المراكز، التي توظف حوالي 120 ألف شخص. من بين هذه المراكز، يوجد حوالي 800 مركز مرخص في المغرب.
أكد أيوب سعود، الأمين العام للاتحاد الوطني لمراكز الاتصال ومهن الأوفشورينغ، أن المراكز الأكثر هشاشة هي تلك التي تعتمد بشكل أساسي على التسويق الهاتفي، والتي تشكل غالبية المراكز في المغرب. وأشار إلى وجود العديد من المراكز غير المرخصة التي تعمل بدون عقود أو حقوق اجتماعية للعمال، وخاصة المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء.
وأضاف سعود أنه يجب الاستعداد لإغلاقات واسعة، لأن النشاط القائم على التسويق الهاتفي مربح للمستثمرين، بينما التحول إلى استقبال المكالمات يصبح أقل جاذبية. وتجسد حالة شركة “Paul & José” مثالًا على الوضع الصعب، حيث اكتشف الموظفون أن صاحب الشركة باع حصصه لمستثمر فرنسي كاميروني مقابل مبلغ زهيد، مما ترك 60 موظفًا بلا عمل. هذا يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها العاملون في هذا القطاع في الحصول على حقوقهم.
ويرى سعود أن هذا القانون قد يقضي على عدد كبير من مراكز النداء في المغرب، مما سيؤدي إلى فقدان الآلاف لوظائفهم. هذا يأتي في وقت يعاني فيه المغرب من ارتفاع معدلات البطالة، حيث بلغت 13.3% في نهاية عام 2024، وتصل نسبة البطالة بين الشباب (15-24 عامًا) إلى 35.8%.
في ظل هذه الظروف، يوفر قطاع مراكز الاتصال في المغرب فرصة للاستقرار المالي، خاصة للشباب حديثي التخرج، على الرغم من صعوبة العمل وعدد الساعات الطويلة. ويشير تحليل لموقع “Rekrute” إلى أن مراكز النداء حافظت على صدارتها كأكثر القطاعات توظيفًا في عام 2024، بأكثر من 11,500 منصب. هذا يمثل 19% من إجمالي المناصب المفتوحة.
من جهة أخرى، قلل يوسف الشرايبي، رئيس مجموعة “أوتسورسيا”، من تأثير هذا القرار، مشيرًا إلى أن الترويج الهاتفي يشكل أقل من 15% من قطاع ترحيل الخدمات في المغرب. وأكد أن الاعتماد على المكالمات الهاتفية يتراجع لصالح خدمات أخرى مثل التعهيد الخارجي للعمليات التجارية (BPO)، وخدمات الزبائن، والدعم التقني، ومعالجة الطلبات. بالإضافة إلى ذلك، هناك زيادة في الاعتماد على الخدمات الخلفية والتواصل مع الزبائن عبر الكتابة بدلاً من المكالمات الهاتفية. التوجه نحو الخدمات الرقمية قد يخفف من أثر القانون الفرنسي.