باحثون يكشفون عن مواقع تغذية المياه الجوفية بوادي درعة بالذكاء الاصطناعي

كشفت دراسة علمية حديثة عن دور هام للذكاء الاصطناعي ونظم المعلومات الجغرافية في تحديد مناطق تغذية المياه الجوفية في المناطق القاحلة، خاصة في وادي درعة الأوسط بإقليم زاكورة. يواجه هذا الوادي تحديات متزايدة في الموارد المائية بسبب الاستنزاف والتغير المناخي.
الدراسة، المنشورة في مجلة “Water”، أكدت أن المياه الجوفية ضرورية للزراعة والسكان في المناطق القاحلة، لكنها مهددة بسبب الاستخدام المفرط وتناقص التجديد. وأشار الباحثون إلى أن وادي درعة الأوسط يعاني من استنزاف حاد للمياه الجوفية نتيجة للطلب المتزايد على الري، والتوسع العمراني، وتراجع الأمطار. الحلول التقليدية لإدارة المياه غير كافية، مما استدعى استخدام تقنيات حديثة تعتمد على البيانات.
طور الفريق العلمي إطار عمل متقدم للتعلم الآلي لمواجهة استنزاف المياه الجوفية في مناطق البحر الأبيض المتوسط القاحلة، مع التركيز على وادي درعة الأوسط. تم دمج ست خوارزميات للتعلم الآلي مع نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد لتحديد مناطق إعادة الشحن في الوادي. اعتمد الباحثون على عشرة عوامل بيئية في تدريب النماذج، مثل الارتفاع، والانحدار، والقرب من المجاري المائية، وهطول الأمطار، ونفاذية التربة، والغطاء النباتي.
أظهرت النتائج أن نموذج “LightGBM” كان الأكثر دقة، بنسبة تصنيف بلغت 0.90، مما يدل على قوة الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد المائية. وكشف التحليل أن الارتفاع، والمسافة إلى المجاري المائية، وخصائص التربة، والغطاء النباتي عوامل حاسمة في تحديد إمكانات إعادة الشحن. صنفت الدراسة وادي درعة الأوسط إلى خمس فئات من حيث إمكانية التغذية، حيث تتركز المناطق ذات الإمكانات العالية في سهل الفايجة والمناطق القريبة من الجداول والمراوح الرسوبية.
أكد الباحثون أن نتائج النماذج تم التحقق منها ميدانياً، مما يعزز مصداقية الخرائط المنتجة بالذكاء الاصطناعي. هذا مهم لإدارة المياه محلياً، حيث يمكن توجيه التدخلات نحو المناطق ذات الجدوى الأكبر. يمكن أن يساهم الاستخدام الاستراتيجي لهذه المناطق في دعم برامج إعادة تغذية طبقات المياه الجوفية، من خلال تجميع مياه الفيضانات وتوجيهها نحو الخزانات الجوفية. الدراسة شددت على أهمية الاستفادة من هذه النتائج في وضع سياسات مائية مستدامة.
الخرائط والبيانات توفر أداة دقيقة لصناع القرار لتحديد أنسب المواقع لبناء بنى تحتية منخفضة التكلفة، مثل هياكل إعادة الشحن وأحواض الترشيح وتحسين شبكات الري. هذه الحلول تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف السادس (المياه النظيفة والصرف الصحي) والهدف الثالث عشر (العمل المناخي). دعا الباحثون إلى تحسين النموذج باستخدام بيانات استشعار عن بعد عالية الدقة ودمج التحولات الزمنية واختبار تقنيات إضافية مثل التعلم العميق. وشددوا على أن المنهجية قابلة للتطبيق في مناطق قاحلة أخرى، مما يجعلها أداة استراتيجية لإدارة الموارد المائية عالميا. هناك حاجة إلى تعزيز التعاون بين علوم المياه، والذكاء الاصطناعي، والعلوم الجغرافية، لتطوير حلول متكاملة. يجب على المغرب الاهتمام بمشاريع من هذا القبيل خصوصا مع أزمة المياه التي تمر بها البلاد. كما يجب دراسة التغيرات المناخية وتأثيرها على الموارد المائية.