وسائل إعلام : حمّوشي حوّل النزاهة إلى عقيدة دولة

في خضم تصاعد الدعوات الشعبية المطالبة بالمحاسبة والشفافية، ولا سيما من طرف فئة الشباب المنتمين إلى حركة “جيل زد 212″، يواصل المغرب بعث رسائل واضحة مفادها أن الدولة عازمة على مواجهة الفساد دون تردد.
وفي هذا السياق، وقّع المدير العام للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، عبد اللطيف حمّوشي، يوم الثلاثاء 6 أكتوبر، اتفاقية غير مسبوقة مع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة. وتُعد هذه الخطوة حدثًا ذا بعد وطني يتجاوز الطابع الإداري، لما تحمله من دلالات سياسية ومؤسساتية تؤكد أن تخليق الحياة العامة أصبح خيارًا استراتيجيًا للدولة.
وقد واصلت المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني خلال السنوات الأخيرة جهودًا مكثفة في تحديث منظومتها المؤسساتية وتعزيز الشفافية داخل أجهزتها، من خلال ترسيخ قيم الحكامة والنزاهة، واعتماد آليات للتدبير المحكم والتكوين المستمر في مجالات الأخلاق المهنية وحماية المال العام.
منذ عقدين، شهدت الأجهزة الأمنية المغربية تحوّلًا تدريجيًا نحو مؤسسة مهنية وتكنولوجية قائمة على أسس أخلاقية واضحة. ويُنظر اليوم إلى الفساد ليس فقط كجريمة يعاقب عليها القانون، بل كتهديد حقيقي لاستقرار الدولة ومؤسساتها.
ويرى متتبعون أن هذا التنسيق بين جهاز أمني سيادي ومؤسسة دستورية مستقلة يعكس إرادة واضحة لجعل محاربة الفساد ركيزة من ركائز الأمن الوطني. فالدولة، من خلال هذا المسار، تؤكد أن زمن التساهل مع الممارسات غير القانونية قد انتهى، وأن مكافحة الفساد أصبحت جزءًا من عقيدتها المؤسسية.
كما يأتي توقيع هذه الاتفاقية في ظرفية حساسة تتسم بتزايد الغضب الشعبي، وصمت النخب السياسية، وارتباك الخطاب الحكومي، الأمر الذي جعل المؤسسات الأمنية تتصدر مرة أخرى واجهة المبادرة لاستعادة الثقة وترسيخ قيم الانضباط والمسؤولية.
وقد أشادت العديد من الصحف والمواقع الوطنية بهذه المبادرة، معتبرة أنها تشكل نموذجًا في التنسيق المؤسساتي وترسيخًا لثقافة النزاهة داخل أجهزة الدولة، ورسالة واضحة بأن مكافحة الفساد أضحت خيارًا وطنيًا لا رجعة فيه.
ويؤكد هذا التوجه أن مكافحة الفساد لم تعد شعارًا انتخابيًا أو مطلبًا ظرفيًا، بل خيارًا استراتيجيًا يؤسس لعقيدة دولة جديدة، تقوم على قوة القانون، الشفافية، والمسؤولية المشتركة بين مختلف المؤسسات.
فالفساد لم يعد يُنظر إليه كخصم سياسي، بل كخطر يهدد استقرار الوطن، فيما تبرز الأجهزة الأمنية اليوم كحارس رئيسي لهذه العقيدة الجديدة التي تجعل من النزاهة مكونًا أساسيا في حماية السيادة الوطنية.






