تقرير جديد: أكثر من 8.5 مليون مغربي خارج الاستفادة الفعلية من الرعاية الصحية
كشف تقرير جديد حول الحماية الاجتماعية في المغرب، أعده المركز المغربي للحكامة والتسيير بشراكة مع مؤسسة “KSA” الألمانية، أن نحو 23% من السكان، أي ما يقارب 8.5 ملايين شخص، لا يتمكنون من الولوج الفعلي إلى الرعاية الصحية رغم تسجيلهم في أنظمة التأمين الصحي، فيما ما يزال حوالي 5 ملايين مغربي خارج أي منظومة للتغطية الصحية.
وبحسب المعطيات الرسمية الواردة في التقرير، بلغ عدد المسجلين في أنظمة التأمين الصحي 31.8 مليون شخص مع نهاية سنة 2024، وهو ما يعكس توسعاً في التغطية التي وصلت إلى 79.8% سنة 2022. لكن رغم ذلك، يعاني نحو 3.5 ملايين مواطن من وضعية “حقوق مغلقة”، ما يحرمهم من الاستفادة الفعلية من الخدمات الصحية.
وسجل التقرير تركزاً كبيراً للبنيات الصحية في خمس جهات رئيسية فقط، تمثل الدار البيضاء-سطات، الرباط-سلا-القنيطرة، طنجة-تطوان-الحسيمة، فاس-مكناس، ومراكش-آسفي، ما مجموعه 65% من الشبكة الصحية، مقابل خصاص واضح في باقي المناطق. كما أشار إلى استمرار العجز في الموارد البشرية، موضحاً أن المغرب يحتاج إلى حوالي 32 ألف طبيب و65 ألف ممرض وفق المعايير الدولية، إضافة إلى تفاوتات بين أنظمة التأمين الإجباري تؤدي إلى اختلالات في الولوج للخدمات.
وفي ما يتعلق بالشباب، أبرز التقرير غياب رؤية استراتيجية شاملة للتشغيل، رغم تفاقم معدل البطالة الذي بلغ 12.8% وطنياً، و35.8% لدى الشباب، و19.9% بين النساء. كما أظهرت آخر أرقام المندوبية السامية للتخطيط وجود أكثر من 1.5 مليون شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و25 سنة في وضعية “NEET”، أي خارج الدراسة والعمل والتكوين.
وفي جانب التقاعد، كشف التقرير أن حوالي 60% من الساكنة النشيطة، أي أكثر من 6 ملايين شخص، لا يستفيدون من أي نظام تقاعد، مع تسجيل اختلالات ديمغرافية مقلقة، أبرزها تراجع معدل المساهمين في نظام CMR إلى 1.14 مساهم فقط عن كل متقاعد سنة 2024. أما نظام “CNSS”، فقد سجل حوالي 753 ألف مستفيد، بمتوسط معاش شهري لا يتجاوز 1.814 درهم.
وبشأن الأشخاص في وضعية إعاقة، ورغم التقدم الذي تحقق بإقرار القانون الإطار 97-13، أكد التقرير أن التحديات لا تزال كبيرة، خصوصاً أن 65% من هذه الفئة لا تستفيد من أي تغطية صحية، مقابل استفادة 34.1% فقط، يتوزعون بين بطاقة “راميد” والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي.
وأشار التقرير إلى أن ورش الحماية الاجتماعية، رغم التقدم الذي عرفه منذ سنة 2021، ما يزال يواجه صعوبات تتعلق بالتمويل والحوكمة وتوسيع قاعدة المستفيدين. وشدد على ضرورة اعتماد إصلاحات شاملة تمس القطاعات الحيوية كالصحة والتقاعد والتشغيل، مع تكثيف الجهود نحو الفئات الهشة والمناطق النائية لضمان عدالة اجتماعية حقيقية.
ودعا التقرير إلى تعزيز الحوكمة داخل منظومة الحماية الاجتماعية، من خلال توحيد أنظمة التأمين الصحي وتقوية التنسيق بين مختلف المؤسسات، إلى جانب دعم قدرات “الهيئة الوطنية للرقابة على التأمينات” لضمان شفافية النظام الصحي. كما أوصى بتحسين تدبير الموارد المالية، وتعزيز استدامة الصناديق الاجتماعية، وتوسيع نطاق الدعم ليشمل الأسر الأكثر هشاشة، خاصة بالمجال القروي.