الهيئة الوطنية للنزاهة: مؤشر الفساد بالمغرب ثابت منذ 2012 رغم وعود الإصلاح
شهدت مكافحة الفساد في المغرب جموداً واضحاً خلال السنوات الاثني عشر الماضية، وفق عرض قدّمته الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أمام مجلس المستشارين يوم الأربعاء 26 نونبر 2025. وأكدت الهيئة أن درجة المغرب في مؤشر مدركات الفساد بقيت ثابتة عند 37 نقطة بين 2012 و2024، وهو ما اعتبرته مؤشراً على استمرار وضع غير مرضٍ، رغم كثرة البرامج والإعلانات الإصلاحية.
وأوضح العرض أن أداء المغرب لم يعرف أي تحسن مستدام، إذ تراوحت نقاطه بين 36 و40 فقط، بينما ظل ترتيبه العالمي يتأرجح بين المركز 73 و99 من دون قدرة على تثبيت تقدم حقيقي. وترى الهيئة أن استمرار هذا الوضع يعكس محدودية تأثير السياسات العمومية الموجهة لتعزيز النزاهة.
وسجلت المؤشرات الفرعية المعتمدة في قياس الفساد تراجعاً بين سنتي 2023 و2024، حيث انخفض مؤشر التمويل لمنظمة الدول بست نقاط، كما تراجع مشروع الأمانة الديمقراطية بأربع نقاط، إلى جانب انخفاضات في مؤشرات “GI” و”EIU” المرتبطة بمخاطر الدول. واعتبرت الهيئة أن هذه النتائج دليل على استمرار اختلالات الحوكمة وصعوبة ترسيخ الشفافية.
وفي ما يتعلق بسيادة القانون، كشف التقرير عن تراجع المغرب بشكل كبير في المؤشر الفرعي المتعلق بغياب الفساد ضمن مشروع العدالة العالمي، حيث انتقل من المركز 47 سنة 2015 إلى المركز 95 سنة 2024. كما خسر 32 مركزاً في مؤشر بيرتلسمان للتحول، خصوصاً في الجوانب المتعلقة بالمشاركة السياسية وسيادة القانون والاندماج الاجتماعي.
وأظهر مؤشر “TRACE” ارتفاع مخاطر الرشوة في المغرب سنة 2024، حيث سجل 56 نقطة مقابل متوسط عالمي يبلغ 48.74. كما ارتفعت المخاطر المرتبطة بشفافية الإدارة العمومية، رغم تسجيل بعض الانخفاضات في مخاطر التفاعل مع الحكومة والرقابة القانونية والإعلامية.
ووفق معطيات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، توجد فجوة واضحة بين الإطار القانوني لمحاربة الفساد في المغرب وبين مستوى التنفيذ الفعلي. فالمملكة تستوفي 73% من المعايير التنظيمية، لكنها لا تتجاوز 53% في التطبيق العملي، إلى جانب ضعف في تنظيم جماعات الضغط، ومحدودية في تطبيق ضمانات تضارب المصالح وشفافية المعلومات.
وأكدت الهيئة في ختام عرضها ضرورة توفير إرادة سياسية قوية، وإطلاق تنسيق وطني فعّال، وتعبئة مؤسساتية واسعة. كما شددت على أهمية تحسين مناخ الأعمال عبر تعزيز الشفافية وسيادة القانون، باعتبارهما من أهم الشروط لتحسين تموقع المغرب في المؤشرات الدولية وتعزيز الثقة داخلياً وخارجياً، خاصة في سياق الجهود المتواصلة لـ مكافحة الفساد في المغرب.