تقرير: القرار 2797 يشكل تحولا تاريخيا في ملف الصحراء لصالح المغرب
كشف تقرير جديد أن القرار الأممي 2797 حول الصحراء المغربية، الذي اعتمده مجلس الأمن في 31 أكتوبر 2025، يمثل نقطة تحول تاريخية في مسار هذا النزاع. لأول مرة، يؤكد القرار بوضوح أن مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الإطار الوحيد للمفاوضات، وهو ما اعتبره التقرير خطوة غير مسبوقة. وأوضح التقرير الصادر عن “مؤسسة كونراد أديناور” و“مؤسسة الحوكمة والسيادة العالمية”، أن القرار جاء في صفحة واحدة فقط، مع ست إشارات واضحة للحكم الذاتي، وذكر صريح للسيادة المغربية، ما يعكس الأغلبية الدولية التي حشدها المغرب منذ بداية هذا الملف.
وأكد التقرير أن التحول لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة مسار دبلوماسي معقد قادته الولايات المتحدة، انطلق بمسودة أولية وصفت مبادرة المغرب بأنها الإطار الوحيد، قبل تعديلها تدريجياً تحت تأثير المواقف الدولية، لينتهي نص القرار بصيغة مقتضبة وحاسمة تمثل قطيعة مع القرارات السابقة. كما اعتبر أن تمديد ولاية بعثة المينورسو لعام واحد، مع مراجعة استراتيجية بعد ستة أشهر، يعكس نفاد صبر المجتمع الدولي تجاه الوضع الراهن، ورغبته في رؤية تقدم ملموس قبل أكتوبر 2026.
ودعا التقرير المغرب إلى تجاوز مرحلة المرافعة الدبلوماسية التقليدية، والانتقال إلى وضع تصور عملي عبر تحديث مبادرة الحكم الذاتي لعام 2007. ويشمل التحديث تطوير هياكل الحكامة، وتوزيع الصلاحيات، والآليات الديمقراطية والمالية، لجعل المشروع قابلاً للتنفيذ ومقنعاً لكل الأطراف، بما في ذلك سكان مخيمات تندوف. وأكد أن دستور 2011 وورش الجهوية المتقدمة يوفران قاعدة قوية لإبراز كيفية تنزيل الحكم الذاتي ضمن البنية المؤسساتية الوطنية.
وأشار التقرير إلى نقاط حساسة يجب التعامل معها، أبرزها موقف المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الذي يصر على التعامل مع “المقترحات المختلفة” على قدم المساواة، ما قد يعيد مفهوم التكافؤ الذي تجاوزته قرارات مجلس الأمن. كما حذر من استعمال عبارة “الحكم الذاتي الحقيقي” لتأويلات سياسية قد تستغلها أطراف معادية للضغط من أجل تنازلات إضافية. ولفت إلى أن استمرار التجديد السنوي لولاية المينورسو دون تقدم قد يفقد القرار زخمه ويعيد الملف إلى الجمود، مع احتمال لجوء الجزائر والبوليساريو إلى مسارات موازية لإرباك المسار السياسي.
ورأى التقرير أن القرار يوفر للمغرب فرصة مهمة لتثبيت الاعتراف الدولي بسيادته عبر تنزيل الحكم الذاتي، مما سيدفع الهيئات الدولية إلى مواءمة مواقفها القانونية والإدارية مع إطار مجلس الأمن، ويساهم في حل الإشكالات المتعلقة بالاتفاقيات التجارية واستغلال الموارد. كما أن وضع الأطراف الأخرى في موقع المعزول يمنح المغرب مركز المبادرة، ويخلق زخماً كبيراً نحو تسوية نهائية. وأبرز التقرير أن الاعتراف الدولي والاستقرار المرتقب يعززان مناخ الاستثمار في الأقاليم الجنوبية، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة واللوجستيك والمشاريع الكبرى، ما يحول الصحراء إلى مركز اقتصادي مهم.
وأكد التقرير أن مبادرة مبعوث الرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف للتوصل إلى اتفاق سلام خلال ستين يوماً وضعت الجزائر والبوليساريو في وضع صعب، فيما يمنح المغرب أفضلية سياسية، لأنه الطرف الأكثر قدرة على تقديم نسخة محدثة من الحكم الذاتي كخيار واقعي وقابل للتطبيق. واعتبر أن الأطراف الأخرى أصبحت عقبة أمام الاستقرار الإقليمي والتكامل الاقتصادي.
وفي الختام، شدد التقرير على أن مرحلة ما بعد القرار 2797 تتطلب من المغرب اعتماد استراتيجية شاملة تدمج الأبعاد السياسية والقانونية والاقتصادية والدبلوماسية، مع التمسك بالمسار الوطني للحكم الذاتي، وتحويل الدعم الدولي إلى مكتسبات عملية، لضمان تحقيق سلام دائم واستقرار طويل الأمد في المنطقة.







