إرهاب “الدرون” والعملات الرقمية.. تحولات خطيرة في أساليب التنظيمات المتطرفة بالمغرب
كشف تقرير رئاسة النيابة العامة لسنة 2024 أن النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالرباط واصلت دورها الأساسي في معالجة قضايا الإرهاب. وخلال السنة الماضية، عالجت ما مجموعه 116 قضية مرتبطة بالجريمة الإرهابية، مسجلة انخفاضًا طفيفًا بنسبة 5 في المئة مقارنة بسنة 2023 التي عرفت 123 قضية.
وأوضح التقرير أن هذه القضايا أسفرت عن تقديم 134 شخصًا مشتبهًا فيه أمام النيابة العامة. وقررت متابعة 96 شخصًا، مقابل حفظ المسطرة في حق 24 آخرين، في حين لا تزال الأبحاث متواصلة بخصوص 14 مشتبهًا فيه. وتعكس هذه الأرقام، حسب التقرير، الدقة التي تعتمدها النيابة العامة في تقييم المحاضر واتخاذ القرارات القانونية بناءً على نتائج البحث والتحري.
وأشار التقرير إلى أن سنة 2024 لم تشهد أي متابعة تتعلق بالاعتداء المباشر على الأشخاص أو المس بسلامتهم الجسدية. كما لم يتم تسجيل متابعات تخص الالتحاق الفعلي بتنظيمات إرهابية، باستثناء خمس قضايا همّت محاولات الالتحاق فقط. واعتبر التقرير أن هذه المعطيات تعكس نجاعة المقاربة الوقائية والاستباقية التي تعتمدها الأجهزة الأمنية والقضائية بالمملكة، من خلال إحباط المخططات الإرهابية في مراحلها الأولى.
وتركزت أغلب المتابعات خلال السنة الماضية على الجرائم المرتبطة بالمراحل الإعدادية والتحضيرية. وتصدرت جريمة الإشادة بالإرهاب هذه المتابعات بـ86 حالة، تلتها جريمة التحريض وإقناع الغير بارتكاب أفعال إرهابية بـ75 متابعة، ثم تكوين عصابة لإعداد وارتكاب أفعال إرهابية بـ69 متابعة.
كما شملت المتابعات جرائم أخرى، من بينها حيازة أو استعمال أو صناعة أسلحة أو مواد متفجرة في سبع حالات، ومحاولة الالتحاق بتنظيمات إرهابية في خمس حالات، وتمويل الإرهاب في ثلاث حالات، إضافة إلى حالتين تتعلقان بالتجنيد أو التدريب أو تلقي تدريب لأغراض إرهابية.
وسلط التقرير الضوء على تحولات مهمة في أساليب اشتغال التنظيمات الإرهابية، خاصة في مجالي التمويل والاستقطاب، حيث انتقلت من الوسائل التقليدية إلى استغلال الأدوات الرقمية والتكنولوجيات الحديثة.
وفي هذا السياق، تم رصد حالة خلال أواخر سنة 2024 تتعلق بجمع تبرعات لفائدة تنظيم “داعش” الإرهابي عبر العملات الرقمية. وشملت هذه العملية اقتناء عملة رقمية من نوع USDT عبر منصة تداول، ثم تحويلها إلى محفظة إلكترونية مرتبطة بالتنظيم.
كما سجل التقرير تزايد محاولات استغلال الإنترنت من أجل اقتناء طائرات مسيّرة، حيث تم رصد ثلاث حالات لمحاولات شراء طائرات بدون طيار عبر مواقع إلكترونية، بغرض استخدامها في تنفيذ هجمات إرهابية بعد تحميلها بمواد متفجرة. ويعكس هذا المعطى خطورة التحول التكنولوجي في طبيعة التهديدات الإرهابية.
وبحسب النيابة العامة، أصبحت منطقة الساحل وغرب إفريقيا بؤرة رئيسية للنشاط الإرهابي، خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار التي تعرفها. وأظهرت دراسة ملفات سنة 2024 أن أغلب المتابعين من أجل محاولة الالتحاق بتنظيمات إرهابية كانوا يعتزمون التوجه نحو فرع تنظيم “داعش” في منطقة الساحل وغرب إفريقيا.
وعلى مستوى الأحكام، أفاد التقرير بأن المحاكم أصدرت عقوبات سالبة للحرية نافذة في حق 62 شخصًا، إضافة إلى عقوبتين بالحبس موقوف التنفيذ. وتوزعت العقوبات بين الحبس لأقل من سنتين في حق ثلاثة أشخاص، والحبس من سنتين إلى خمس سنوات في حق 33 شخصًا، والسجن النافذ لأكثر من خمس سنوات في حق 26 شخصًا. وأكد التقرير أن سنة 2024 لم تشهد صدور أي حكم بالإعدام أو بالسجن المؤبد في قضايا الإرهاب.
وتبرز هذه المعطيات استمرار اليقظة القضائية والأمنية في مواجهة التهديدات الإرهابية، إلى جانب تطور أساليب التعاطي مع هذا النوع من الجرائم، بما يواكب التحولات المتسارعة التي تعرفها التنظيمات الإرهابية على المستويين الإقليمي والدولي.







