المجلس الأعلى للحسابات يكشف ضعف نتائج برامج محاربة الأمية
كشف المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي لسنتي 2023-2024 عن استمرار ارتفاع نسبة الأمية في المغرب، حيث يتجاوز عدد الأميين من الفئة العمرية 15 سنة فما فوق 9 ملايين شخص. وأوضح التقرير أن البرامج الوطنية لمحاربة الأمية لم تحقق الأثر المطلوب رغم الجهود المبذولة، ما يظهر عدم فعالية هذه الاستراتيجيات في القضاء على الظاهرة.
وأشار التقرير إلى أن المغرب أطلق استراتيجيات متعددة لمحاربة الأمية منذ 2004، كان آخرها خطة عمل جديدة أصدرتها الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية. وعلى الرغم من تخصيص حوالي 2.971 مليون درهم لهذه البرامج بين 2015 و2023، إلا أن النتائج لا تزال بعيدة عن مواجهة التحديات. فقد تجاوز معدل الأمية في سنة 2021 نسبة 34.2%، مع تسجيل تأخير كبير في بلوغ الأهداف المرسومة سابقًا.
التقرير أبرز عددًا من التحديات التي تواجه الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، من بينها عدم مراعاة التفاوتات الجغرافية والاجتماعية بين الجهات المغربية في وضع الاستراتيجيات، إلى جانب غياب التنفيذ الفعّال للبرامج وآليات متابعة صارمة. وقد رصد ضعفًا كبيرًا في الأداء المالي، حيث بلغ متوسط الأداء حوالي 29% فقط من مجموع النفقات الملتزم بها بين 2015 و2022، مع تسجيل ديون تتجاوز 584 مليون درهم بحلول سنة 2022.
وفيما يتعلق بالتمويل، أظهر التقرير أن الوكالة تعتمد أساسًا على الدعم الحكومي الذي يمثل 84% من مواردها بين 2015 و2023، بينما ساهم الاتحاد الأوروبي بنسبة 14%، فيما لم تتعدّ مساهمة الجهات والقطاعات الحكومية الأخرى 2%. كما أشار إلى غياب نظام تصنيف للجمعيات العاملة في مجال محاربة الأمية، ما أدى إلى ضعف القدرة على تقييم أدائها وضمان الجودة في التكوين.
كشف التقرير كذلك عن قصور كبير في تأهيل فضاءات التكوين المستخدمة من طرف الجمعيات، حيث تم تسجيل استخدام شقق ومنازل غير ملائمة، مما أثر سلبًا على جودة الدروس. كما أظهرت البرامج معدلات حضور ضعيفة لا تتجاوز 40% في بعض الحالات، وهو ما يعرقل تحقيق الأهداف.
التقرير لفت إلى أن المناهج التعليمية لبرامج محاربة الأمية لم تخضع لأي تحديث منذ أكثر من عشر سنوات، ما يعوق تكيفها مع احتياجات المستفيدين، خاصة في مجالات اللغات والرياضيات والعلوم. كما أشار إلى بطء في ملاءمة البرامج مع خصوصيات الفئات المستهدفة، مما أثر على فعاليتها بالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة والفئات الهشة الأخرى.
في ختام التقرير، أوصى المجلس بتطوير عقد برنامج واضح بين الدولة والوكالة الوطنية لمحاربة الأمية لتحديد أهداف استراتيجية ضمن جدول زمني ملزم، مع تعزيز آليات التتبع والتقييم المنتظم. كما شدد على أهمية تصنيف الجمعيات الناشطة في هذا المجال وفق معايير دقيقة لضمان الجودة، وإشراك المختصين في مراجعة المناهج الدراسية لتكييفها مع احتياجات الفئات المستهدفة، وتوفير بيئة تعليمية مناسبة لتحسين فعالية البرامج. ودعا إلى اتخاذ إجراءات فورية لسد الثغرات الحالية وضمان إشراك جميع الفاعلين المحليين لدعم جهود محاربة الأمية بالمغرب.