القطاع السياحي في المغرب يسجل إنطلاقة قوية خلال يناير 2025

شهد القطاع السياحي في المغرب بداية واعدة خلال شهر يناير 2025، حيث حقق ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد السياح غير المقيمين الوافدين إلى المملكة. ووفقًا للأرقام الرسمية، سجلت البلاد تدفقًا سياحيًا بلغ 1.265 مليون زائر، أي بزيادة 27% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويعكس هذا الانتعاش جاذبية المغرب كوجهة مفضلة لدى المسافرين الدوليين، مدعومًا بتحسينات كبيرة في البنية التحتية السياحية، وتعزيز النقل الجوي، والترويج الفعّال للمقومات السياحية المتنوعة.
انتعاش الأسواق التقليدية ونمو السياحة الأوروبية
كان النمو الملحوظ مدفوعًا بارتفاع أعداد الوافدين من الأسواق التقليدية الرئيسية، حيث شهدت السوق الفرنسية زيادة بنسبة 17%، في حين سجل السياح الإسبان ارتفاعًا بنسبة 19%. أما السوق البريطانية، فقد شهدت انتعاشًا بارزًا بزيادة 45%، بينما سجل الوافدون الإيطاليون قفزة نوعية بلغت 47%. ويعكس هذا التوجه تزايد اهتمام الأوروبيين بالمغرب كوجهة سياحية متنوعة تجمع بين الثقافة، التاريخ، والطبيعة.
كما سجلت الأسواق الأمريكية والألمانية والبلجيكية والهولندية بدورها أرقامًا إيجابية، حيث ارتفع عدد السياح الأمريكيين بنسبة 31%، والألمان بنسبة 15%، فيما سجلت السوق البلجيكية زيادة قدرها 36%، والهولندية بنسبة 28%. وتؤكد هذه الأرقام نجاح المغرب في استقطاب شرائح سياحية متنوعة، مستفيدًا من سياسات الترويج الفعّالة، وتحسين الروابط الجوية مع هذه الدول.
المطارات المغربية تسجل أرقامًا قياسية
عززت المطارات المغربية مكانتها كعوامل رئيسية في دعم التدفق السياحي، حيث سجل مطار مراكش-المنارة ارتفاعًا بنسبة 27% مقارنة بشهر يناير 2024، ليظل الوجهة الأكثر استقطابًا للسياح الأجانب. كما شهد مطار الدار البيضاء محمد الخامس، أكبر مطارات البلاد، زيادة قدرها 25%، بينما سجل مطار أكادير المسيرة نموًا بنسبة 21%.
من جهة أخرى، كان لمطار طنجة ابن بطوطة حضور بارز مع ارتفاع حركة المسافرين بنسبة 37%، فيما حقق مطار الرباط-سلا أعلى نسبة نمو بين المطارات الرئيسية، حيث بلغت 55%، مما يعكس الاهتمام المتزايد بالعاصمة كوجهة سياحية وثقافية متنامية. كما شهد مطار فاس سايس نموًا بنسبة 19%، مما يعزز جاذبية المدينة كوجهة سياحية تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
تفاصيل تدفق السياح من الأسواق المختلفة
بحسب الإحصائيات الرسمية، لا تزال فرنسا في صدارة الأسواق المصدرة للسياح نحو المغرب، حيث ارتفع عدد الوافدين الفرنسيين من 122 ألفًا في يناير 2024 إلى 143 ألفًا في يناير 2025. كما سجل عدد السياح الإسبان ارتفاعًا من 88 ألفًا إلى 105 آلاف خلال الفترة نفسها. أما السياح القادمين من المملكة المتحدة، فقد شهد عددهم قفزة كبيرة من 54 ألفًا إلى 78 ألفًا. وشهدت السوق الإيطالية نموًا استثنائيًا، حيث ارتفع عدد الوافدين من 22 ألفًا إلى 33 ألفًا، ما يعكس اهتمامًا متزايدًا بهذه السوق.
دور النقل الجوي في دعم الدينامية السياحية
أكد خبير المجال السياحي الزوبير بوحوت أن النقل الجوي لعب دورًا محوريًا في هذا الانتعاش السياحي، حيث اختار 900 ألف سائح السفر إلى المغرب عبر الجو، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 29% مقارنة بالعام الماضي. وقد بلغت حصة النقل الجوي من إجمالي الوافدين 71% خلال شهر يناير 2025، متجاوزة نسبة 68% المسجلة خلال عام 2024، مما يشير إلى تحسن واضح في قدرة المغرب على استقطاب السياح عبر الرحلات الجوية.
وأضاف بوحوت أن تحقيق هدف استقبال 25 مليون سائح خلال العام الجاري أصبح ممكنًا إذا استمر هذا الزخم الإيجابي، مشيرًا إلى أن مغاربة العالم لا يزالون يمثلون أكثر من 50% من إجمالي الوافدين، مما يجعلهم ركيزة أساسية في القطاع السياحي.
المؤتمرات الدولية وتعزيز التعاون السياحي
كشف بوحوت أن الدار البيضاء ستحتضن مؤتمرًا دوليًا لوكالات الأسفار الإيطالية بمشاركة 1500 وكالة سياحية، وهو ما يمثل فرصة كبيرة لتعزيز التدفق السياحي بين إيطاليا والمغرب. كما أكد أهمية توقيع اتفاقيات مع الفاعلين في القطاع لضمان تدفق مستدام للسياح الإيطاليين إلى الدار البيضاء ومدن مغربية أخرى.
الأسواق الناشئة: الصين وأمريكا الشمالية
أشار الخبير السياحي إلى أهمية السوق الصينية، حيث تم فتح خطين جويين جديدين مع الصين خلال الشهر الماضي، مما يعزز فرص المغرب في جذب السياح الصينيين. كما شهد القطاع إطلاق خط جوي جديد يربط المغرب بالولايات المتحدة، بالإضافة إلى خط آخر مع كندا، مما يعكس رغبة المملكة في توسيع نطاقها السياحي نحو الأسواق الناشئة.
الرباط تتصدر المشهد السياحي لعام 2025
توقع بوحوت أن تكون 2025 “سنة الرباط بامتياز”، مدعومة بالحملات الترويجية المكثفة، وتحسن النقل الجوي، والدينامية التي يشهدها المجلس الجهوي للسياحة. وأشار إلى أن الرباط، التي تحتل حاليًا المرتبة السادسة بين الوجهات السياحية المغربية، قد تتقدم إلى المرتبة الخامسة خلال العام الجاري، مستفيدة من استضافة كأس إفريقيا، الذي سيجلب العديد من الزوار إلى العاصمة.
أرقام قياسية وتحقيق النمو المستدام
يذكر أن المغرب سجل خلال عام 2024 رقمًا قياسيًا في استقبال السياح، حيث بلغ 17.4 مليون سائح، بزيادة 20% عن العام السابق. ويشكل المغاربة المقيمون بالخارج نحو نصف هذا العدد، مما يعكس أهمية هذه الفئة في الاقتصاد السياحي الوطني. وتساهم السياحة بنحو 7% في الناتج المحلي الإجمالي، ما يجعلها أحد المحركات الرئيسية للتنمية الاقتصادية، ومصدرًا هامًا للتوظيف وتوفير العملة الصعبة.
مع المؤشرات الإيجابية التي سجلها شهر يناير 2025، يبدو أن المغرب في طريقه لتحقيق أداء سياحي استثنائي هذا العام. وتظل الجهود متواصلة لتعزيز جاذبية المملكة، سواء عبر تحسين البنية التحتية، أو توسيع شبكة النقل الجوي، أو تعزيز الشراكات الدولية، مما يجعل المغرب في مصاف الوجهات السياحية العالمية الرائدة.