روسيا تكشف كميات زيت المائدة المصدَّرة إلى المغرب.. وخبراء يحذرون من ضعف الإنتاج الزراعي

بلغت واردات زيت عباد الشمس من روسيا إلى المغرب خلال السنوات الثلاث الأخيرة حوالي 12 ألف طن سنويًا. هذه المعطيات كشفت عنها دراسة للمركز الفيدرالي لتنمية الصادرات الزراعية بروسيا، وأكدت أن المغرب يعتبر من بين الأسواق النشيطة في استيراد هذا النوع من الزيوت. أما إجمالي ما تصدره روسيا إلى منطقة شمال إفريقيا فيصل إلى 140 ألف طن سنويًا، وهو ما يبرز حجم الاعتماد الإقليمي على المنتوج الروسي.
في سنة 2023 فقط، استورد المغرب ما مجموعه 660 ألف طن من زيوت المائدة، منها 120 مليون دولار خصصت فقط لشراء زيت عباد الشمس. هذه الأرقام تكشف بوضوح ضعف الإنتاج المحلي، والاعتماد المتزايد على الخارج لتلبية الحاجيات الوطنية.
عدد من الخبراء والمستشارين الفلاحيين أشاروا إلى أن زراعة عباد الشمس في المغرب تواجه عدة عراقيل. أولها الكلفة العالية للإنتاج، خصوصًا على مستوى البذور والمياه. هذا المحصول يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه، والسقي عبر الرشاشات، الذي يعتبر مكلفًا من حيث التجهيز والصيانة، ولا يحظى بدعم كافٍ من الدولة.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه الفلاحون الصغار صعوبات كبيرة في تسويق محاصيلهم. التعاقد مع المعامل يتطلب زراعة مساحات لا تقل عن 20 هكتارًا، وهو ما لا يتوفر عليه أغلب الفلاحين، مما يدفعهم للمرور عبر الوسطاء، وهو ما يقلل من هامش الربح ويزيد من هشاشة الإنتاج. كما أن غياب الانخراط في تعاونيات فلاحية يقلل من القوة التفاوضية لهذه الفئة، رغم أن هذا النموذج معمول به في عدة دول أوروبية.
عامل الجفاف بدوره لعب دورًا رئيسيًا في تراجع المساحات المزروعة بعباد الشمس. هذا الوضع دفع بعدد من الفاعلين إلى اعتبار الاستيراد خيارًا عقلانيًا، خاصة بالنظر إلى مفهوم “بصمة الماء”، أي كمية المياه المستهلكة لإنتاج كل كيلوغرام من المنتوج. وبما أن زراعة عباد الشمس تستهلك المياه بكثافة، فإن استيراده يوفر على المغرب موارد مائية ثمينة، خصوصًا في ظل ندرتها المتزايدة.
في ظل هذه المعطيات، يظهر أن واردات زيت عباد الشمس ليست مجرد أرقام تجارية، بل تعكس اختيارات فلاحية واقتصادية يجب التفكير فيها بعمق. تحسين مردودية هذا القطاع يتطلب دعمًا مباشرًا للفلاحين، تشجيع التعاونيات، وتبني سياسات ذكية تجمع بين الأمن الغذائي والحفاظ على الموارد.