مجتمع

منصات جامعية في مأزق.. أزمة رقمية تُربك التسجيلات في جميع الأسلاك الجامعية

في كل موسم جامعي، تتكرر نفس المشاهد في الجامعات المغربية: طلبة متوترون، مواعيد تتأخر، ومنصات إلكترونية تتعثر في اللحظات الحاسمة.
ورغم الخطاب الرسمي حول التحول الرقمي في التعليم العالي، إلا أن الواقع يُظهر أن هذه الرقمنة ما زالت مشروعًا هشًا يفتقر إلى الفعالية والاستمرارية.

في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال جامعة محمد الخامس مثلا، اشتكى عدد من الطلبة الجدد الراغبين في الالتحاق بسلك الدكتوراه من صعوبات كبيرة في الولوج إلى منصة التسجيل الإلكترونية.

يقول أحد الطلبة في رسالة عبر “واتساب”:

“السلام عليكم، أريد الاستفسار حول طريقة الولوج إلى منصة التسجيل، لأنني أواجه صعوبة في الدخول إلى المنصة.”

وأمام هذه الشكاوى، أخبرت الكلية الطلبة الذين واجهوا مشاكل تقنية يمكنهم إيداع ملفاتهم يدويًا بمركز الدكتوراه إلى غاية الساعة الواحدة زوالًا من يوم الاثنين.
حلٌّ مؤقت يهدف إلى إنقاذ الوضع، لكنه في الواقع يكشف عمق الخلل التقني والإداري الذي يطبع رقمنة التعليم الجامعي.

المشكل لم يتوقف عند طلبة الدكتوراه.
فالعديد من الجامعات المغربية، وعلى رأسها جامعة مراكش، عرفت تأخرًا في الإعلان عن نتائج مباريات الولوج إلى الماسترات، ما تسبب في ارتباك كبير في الجدولة الأكاديمية.

وفي سلك الإجازة، تأخرت انطلاقة الموسم الدراسي في عدد من الكليات، بسبب مشاكل تقنية في التسجيل الإلكتروني للطلبة الجدد، أو في استخراج أرقامهم الجامعية عبر المنصات.
يؤكد أحد الطلبة:

“حتى بعد نجاحنا في التسجيل الإلكتروني، نجد أنفسنا ننتظر أسابيع لتأكيد القيد أو معرفة الشعب المتاحة، لأن النظام لا يشتغل أو يتوقف باستمرار.”

رغم الجهود المبذولة من طرف وزارة التعليم العالي والجامعات، فإن التحول الرقمي ما يزال يفتقر إلى المواكبة التقنية والبشرية.
فالمنصات تُطلق بسرعة ودون اختبار كافٍ. هناك نقص في فرق الصيانة والدعم، ولا وجود لخطة احتياطية في حال حدوث عطل. النتيجة هي ارتباك إداري على نطاق وطني.”

هذا الارتباك لا يؤثر فقط على التنظيم الإداري، بل يمتد إلى المسار البيداغوجي والنفسي للطلبة.
تأجيل مباريات الماستر يربك خطط الطلبة بعد الإجازة، وتأخر بداية الموسم الدراسي يخلق تفاوتًا في الزمن الجامعي بين المؤسسات.
وفي ظل غياب تواصل فعّال وسريع من الإدارات، يتزايد الإحباط وفقدان الثقة في فعالية المنظومة الرقمية.

ما يحدث في الجامعات وغيرها من المؤسسات يؤكد أن الرقمنة، في غياب تخطيط ومواكبة، قد تتحول من وسيلة لتسهيل الحياة إلى مصدر جديد للتعقيد.
التحول الرقمي في التعليم العالي بالمغرب لن ينجح بالشعارات، بل ببنية تقنية قوية، وكفاءات بشرية مؤهلة، وإرادة إدارية حقيقية لضمان عدالة وفعالية في الولوج الجامعي لجميع الأسلاك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى