سياسة

حموني: نستورد الأدوية “بحال البصلة” بلا مراقبة وأسعارها مرتفعة بـ111% مقارنة بفرنسا

تثير أسعار الأدوية في المغرب نقاشًا متجددًا داخل البرلمان، حيث أكد رشيد حموني، رئيس الفريق النيابي للتقدم والاشتراكية، أن هذا الملف قديم وظل حاضرًا في النقاشات التشريعية منذ سنوات. وأوضح أن مهامًا استطلاعية أُنجزت في سنوات 2015 و2019 و2020 ساعدت في الدفع نحو إنشاء الوكالة الوطنية للأدوية، بعدما كشفت تقاريرها عن مشاكل واضحة كانت تعيق الحكامة في القطاع.

وخلال اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية، شدد حموني على أن إصلاح قطاع الصحة لا يمكن اختزاله في بناء مستشفيات جديدة أو تحسين سوق الدواء فقط، بل يحتاج ورشًا شاملًا يستغرق وقتًا طويلًا. وأكد أن الإصلاح الحقيقي يتطلب رؤية استراتيجية ومتابعة دقيقة، مشيرًا إلى أن أسعار الأدوية في المغرب لا يمكن فصلها عن طريقة إدارة القطاع ككل.

وأوضح أن تقارير التفتيش السابقة كشفت عن اختلالات خطيرة داخل مديرية الأدوية قبل إحداث الوكالة الجديدة، حيث كان غياب الرقمنة يسمح بتمرير ملفات مختبرات على حساب أخرى، وهو ما فتح الباب أمام التلاعبات وأثر بشكل مباشر على أسعار الأدوية في المغرب. ودعا إلى اعتماد منظومة رقمية واضحة تمكّن المختبرات من تتبع ملفاتها وتحقق الشفافية في مسار الترخيص.

وأشار حموني إلى أن السياسات الدوائية يجب أن ترتكز على تشجيع الأدوية الجنيسة ودعم التصنيع المحلي، خاصة بعد الدروس التي قدمتها جائحة كورونا حين واجهت دول كثيرة خصاصًا في مواد بسيطة مثل “الزنك” و”فيتامين سي”. ورغم توفر أدوية جنيسة بنصف الثمن، ما يزال المواطن يؤدي ما بين 50% و60% من ثمن الدواء الأصلي، وهو ما يثقل كاهله ويضعف فعالية التغطية الصحية، ويعمّق مشكل ارتفاع أسعار الأدوية في المغرب.

وفي حديثه عن الجدل المرتبط بدواء معيّن، أوضح أن الإشكال لا يتعلق بمنتج واحد، بل بمنظومة الدواء برمتها، مؤكدا ضرورة بناء النقاش على معطيات دقيقة بعيدًا عن الانفعالات. وكشف أن فاتورة استيراد الأدوية ارتفعت من 5.1 مليار درهم سنة 2014 إلى 13.1 مليار درهم في 2021، وهي زيادة تفوق 175% وتطرح تساؤلات حقيقية حول مستقبل السيادة الدوائية وتأثير ذلك على أسعار الأدوية في المغرب.

وأوضح أن تضخيم الفواتير خلال عملية الاستيراد يؤدي إلى خروج العملة الصعبة بطرق غير سليمة، حيث تُصرّح بعض الشركات بأن ثمن الدواء في الخارج يصل إلى 400 درهم بينما قيمته الحقيقية لا تتجاوز 100 درهم، ليباع في السوق المغربي بـ500 درهم. واعتبر أن ضعف المراقبة على الأدوية المستوردة قبل الترخيص لها يزيد من تفاقم المشكلة، خاصة أن دولًا أوروبية تخضع المختبرات الأجنبية لفحوص دقيقة وطويلة قبل السماح بدخول منتجاتها، بينما المساطر المغربية تبقى أكثر تساهلًا، وهو ما يساهم في الرفع من أسعار الأدوية في المغرب مقارنة بدول مثل فرنسا وبلجيكا، حيث قد تصل الزيادة إلى أكثر من 100%.

كما لفت إلى أن اختبارات التكافؤ الحيوي، الضرورية لضمان فعالية الأدوية الجنيسة، لا تزال غير معممة بسبب تكلفتها العالية، وهو ما يؤثر على مستوى الثقة في هذه المنتجات ويقلل من قدرة البلاد على خفض أسعار الأدوية في المغرب عبر توسيع استعمال الدواء الجنيس. وختم حموني بأن المغرب ما يزال بعيدًا عن الدول التي يعتمد فيها المواطنون على الأدوية الجنيسة بنسبة 80%، مؤكدًا أن رفع هذه النسبة يمكن أن يوفر أكثر من 60% من نفقات صناديق الحماية الاجتماعية، ويساهم في خفض التكاليف على المواطنين وتحقيق العدالة الدوائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى