قلق في المغرب من تأثيرات موجة الحر غير المسبوقة
تثير موجة الحرّ غير المسبوقة والمستمرة في المغرب منذ أسابيع قلق المعنيين بالبيئة، الذين سارعوا إلى دق ناقوس الخطر لانعكاساتها السلبية على حياة الناس والعديد من القطاعات الحيوية.
ويعيش المغرب على وقع صيف ساخن جراء موجة حر غير مسبوقة، تسببت في 25 يوليوز الماضي بوفاة 21 شخصاً لقوا مصرعهم بمدينة بني ملال في يوم واحد. والأسبوع الماضي، وصلت درجات حرارة في المغرب إلى مستويات قياسية بحسب مديرية الأرصاد الجوية. وتراوحت ما بين 42 و47 درجة، فيما تخطت في 23 يوليوز الماضي حاجز الـ47 درجة.
موجات الحرارة المفرطة وارتفاعها وحدتها وطول أمدها لا تقلق البيئيين فقط، بل كل الفاعلين والخبراء والمهتمين بشأن البيئة والتنمية المستدامة، خصوصاً مع توالي الجفاف الحاد ومشكلة تغير المناخ. واختلت الموازين والقواعد والأنظمة المناخية بشكل عام وجلي، في ظل قلة الموارد المائية وانحباس المطر وطول أمد فصل الصيف وتداخل الفصول، ما يفرض قلقاً حقيقياً نبهتنا إليه جمعيات ومنظمات بيئية منذ عامي 2013 و2014 بناء على بيانات تتعلق بمشكلة تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة وانخفاضها كذلك”.
إنه قلق حقيقي أمام مشاكل حرائق الغابات ونقص الموارد المائية وتمدد التصحر والجفاف والهجرة وانخفاض مؤشرات التنمية وتراجع حاد في الأنشطة الفلاحية والتنمية، خصوصاً في المجالات القروية”. ويلفت إلى أن موجات الحر في المغرب لها تأثير سلبي، خصوصاً مع توالي سنوات الجفاف الحاد وتراجع الموارد المائية الجوفية والسطحية، وتأثير ذلك على الصعيدين الفلاحي التنموي والناتج الداخلي الخام، وهو محط تقارير لمؤسسات دستورية ومالية واقتصادية وطنية ودولية كذلك حول ارتفاع درجات الحرارة وتغير المناخ وتطرف المناخ بصفة عامة.
بيئة
ان استمرار ارتفاع درجة الحرارة خلال شهر أغسطس/آب، بحسب التقرير الأخير الصادر عن المديرية العامة للأرصاد الجوية في المغرب، إلى ما يشهده مناخ المغرب من تقلبات مضطربة ومتطرفة أحياناً.
إن أسباب موجة الحرارة التي تضرب المغرب خلال الأسابيع الأخيرة تعود كذلك إلى اتساع فترة الجفاف بسبب تراجع التساقطات المطرية خلال ست سنوات جفاف متتالية، ما يحفز ارتقاء درجات الحرارة إلى مستويات قياسية مقارنة بالسنوات الماضية التي لم نكن نشهد فيها موجات حرارة مماثلة.
أن استمرار انبعاث الغازات الدفيئة التي تزيد من تنامي ظاهرة الاحتباس الحراري تشكل أحد العوامل الأساسية في ارتفاع حرارة الأرض بشكل عام والتي يتأثر بها المغرب أيضاً، مشيراً إلى ظاهرة النينيو الدورية التي زادت من درجة حرارة سطح المحيط لا سيما المحيط الهادئ.
حيث أن الارتفاع المفرط في درجات الحرارة يعود كذلك إلى ارتفاع مستوى سطح المحيط الأطلسي مع ارتفاع كل من درجة حرارة وحمضية مياهه وانخفاض نسبة الأكسجين، موضحاً أن بقاء مرتع جوي جاثماً على حيز كبير من سماء المغرب تسبب في تشكل تيارات هوائية ساخنة قادمة من جهة الصحراء الكبرى.
هذا و للموجة القاسية من الحرارة لها انعكاسات عدة منها سرعة تبخر كل أشكال المياه السطحية في السدود والأنهار والوديان والبحيرات والضايات، مشدداً على أن هذه الظواهر “ستزيد من حدة الندرة المائية بل انعدامها في بعض المناطق”.
كما أن للحرارة المفرطة، انعكاسات على المحاصيل الزراعية والإنتاج الفلاحي، إذ ستؤدي إلى تراجع محاصيل الفاكهة والخضار الصيفية بسبب تيبسها واحتراقها. ويحذر الباحث في قضايا المناخ من أن تكون الحرارة المفرطة “مصاحبة لا محالة لكوارث طبيعية على غرار احتراق الغابات والفيضانات المرتبطة بالأمطار الرعدية لا سيما في المناطق الجبلية”.
وكان المغرب قد تعرّض في عام 2022 لموجة حر شديدة، سُجّلت خلالها درجات حرارة قياسية هي الأعلى منذ عام 1925، إذ تراوحت ما بين 46 درجة مئوية و49.3 في المنطقتين الوسطى والجنوبية، الأمر الذي أدّى إلى نشوب حرائق غابات غير مسبوقة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ المغرب يواجه، للعام السادس على التوالي، تهديداً حقيقياً من جرّاء الجفاف، في ظلّ تراجع معدّلات سقوط الأمطار خلال السنوات الماضية، وسط مخاطر تُحدِق بالقطاع الزراعي الذي يمثّل عصب الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.