رغم هيمنتها على الاقتصاد.. نمو المقاولات الصغرى في المغرب لم يتجاوز %2
يشكل النسيج الإنتاجي المغربي بنية تتألف بشكل كبير من الشركات الصغيرة جدًا والصغيرة، حيث تمثل 88% من مجموع 370,000 شركة مسجلة في عام 2021. وعلى الرغم من الانتشار الواسع لهذه الشركات، إلا أن هناك تركيزًا جغرافيًا بارزًا في ثلاث مناطق حضرية رئيسية: الدار البيضاء-سطات، الرباط-القنيطرة، وطنجة-تطوان، التي تستحوذ على أكثر من 50% من إجمالي الشركات.
ووفقًا لتقرير مشترك بين مجموعة البنك الدولي والمرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة، فإن الاقتصاد المغربي يعاني من تحديات في خلق وظائف جديدة وزيادة مستويات الدخل. ويعزى ذلك جزئيًا إلى النمو المتواضع في الإنتاجية، الذي بلغ 2.2% بين عامي 2016 و2019، وهو أقل بكثير من المتوسط العام في باقي قطاعات الاقتصاد، التي سجلت نموًا بنسبة 5% خلال نفس الفترة.
وأظهرت أبحاث المرصد المغربي للمقاولات أن هناك سوء تخصيص للعوامل الإنتاجية في القطاع الخاص الرسمي بالمغرب، مما يؤثر سلبًا على كفاءة الاقتصاد ويعيق تحقيق معدلات نمو أعلى. كما أن عدم الاستخدام الأمثل للموارد يرفع التكاليف ويحد من النمو.
تشير الدراسات إلى وجود تناقض في أداء الإنتاجية خلال الفترة من 2016 إلى 2019؛ حيث شهدت بعض الشركات تحسينًا في كفاءتها الداخلية، لكن ضعف تخصيص الموارد بين الشركات أدى إلى تراجع النمو الإجمالي للإنتاجية، مما يعكس اختلالًا في توزيع العوامل الإنتاجية.
وأظهرت النتائج أن الشركات الصغيرة غالبًا ما تكون الأكثر إنتاجية، بينما لا يرتبط العمر بوضوح بمستوى الإنتاجية. وهذا يثير تساؤلات حول العوامل التي تساهم في تحسين الإنتاجية العالية.
يعود سبب الأداء المتواضع في الإنتاجية إلى عدة عوامل، منها أن الشركات التي كانت تعمل في القطاع غير الرسمي بدأت في الاندماج، لكن إنتاجيتها أقل مقارنة بالشركات التي كانت بالفعل مسجلة في النظام الرسمي. بالإضافة إلى ذلك، لا تكافأ الشركات الأكثر إنتاجية من قبل السوق بالشكل الكافي، مما يقلل من الحوافز نحو الابتكار وتحسين الكفاءة. كما أن ضعف اعتماد التكنولوجيا وتدني جودة الاستثمارات يعزز ركود الإنتاجية.
وأشار التقرير إلى ضرورة وضع استراتيجية شاملة لتحسين إنتاجية العمل في القطاع الخاص، تشمل خلق بيئة تنافسية أكثر عدالة، وتشجيع الاستثمار في الشركات الأكثر إنتاجية، وتعزيز استخدام التكنولوجيا، وزيادة الاستثمار في رأس المال المادي.
وأضاف البنك الدولي أن المغرب حقق نموًا اقتصاديًا ملحوظًا خلال العقدين الماضيين، حيث ارتفع معدل النمو الاقتصادي من 3.6% بين عامي 1980 و1999 إلى 4.8% بين عامي 2000 و2009. إلا أن هذا النمو تباطأ منذ عام 2010 بسبب مجموعة من العوامل الخارجية، مثل الأزمة المالية العالمية وأزمة ديون منطقة اليورو وجائحة كوفيد-19، بالإضافة إلى تكرار حالات الجفاف.
كما ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من حيث تعادل القوة الشرائية بأكثر من 70% بين عامي 2000 و2019، لكنه لا يزال أقل بنسبة 22% من الحد الأدنى للاقتصادات ذات الدخل المتوسط الأعلى.
وأظهرت البيانات أن مساهمة الإنتاجية في النمو الاقتصادي في المغرب كانت أقل من دول أخرى قامت باستثمارات مشابهة، على الرغم من تحسن إنتاجية العمل بنسبة 55.7% بين عامي 2000 و2019، مما يشير إلى وجود مجال واسع للتحسين.