دولي

100 عام من “نيويوركر” .. مجلة سخرت من فرويد وقدمت “تفاهة الشر” للعالم

إذا زرت مدينة نيويورك، فقد تجد نفسك في مركز التجارة العالمي، حيث يقف الآن أطول ناطحة سحاب في الولايات المتحدة، والذي كان يُعرف سابقًا باسم برج الحرية. في الطابق 38 من هذا المبنى، تقع مكاتب مجلة نيويوركر، التي تحتفل هذا الشهر بمرور 100 عام على تأسيسها، حيث انطلقت رحلتها الصحفية عام 1925.

رغم انتقال الصحفيين إلى مكاتبهم الجديدة عام 2014، إلا أن روح العراقة تطغى على المكان. تتدفق أشعة الشمس عبر النوافذ الممتدة من الأرض إلى السقف، مضيفة بريقًا ذهبيًا للمشهد، بينما ينهمك الصحفيون في عملهم.

المحررون يتنقلون بين المكاتب، البعض يدقق في مقال طويل عن الذكاء الاصطناعي، وآخرون يتحققون من معلومات تاريخية حول مدينة مغربية في الأربعينيات. في أحد الأركان، يجتمع رسامو الكاريكاتير حول طاولة للنقاش، وأمامهم محررة شابة تقودهم بابتسامة واثقة. على مقربة منهم، تختبر محررة رقمية أداة ذكاء اصطناعي جديدة، مما يعكس اندماج الصحافة التقليدية بالتكنولوجيا الحديثة.

على جدران المكتب، تتزين عشرات أغلفة نيويوركر الأيقونية، يتوسطها صورة بالأبيض والأسود لمؤسس المجلة، هارولد روس، بنظراته العميقة وابتسامته الهادئة، وكأنه يراقب تطور المجلة على مدار القرن الماضي.

على مدار 100 عام، قدمت نيويوركر نموذجًا فريدًا في الصحافة، حيث تمزج بين التقارير الاستقصائية العميقة والأسلوب الأدبي الراقي. من الرسوم الكاريكاتورية الساخرة إلى المقالات المطولة والملفات الشخصية العميقة، بقيت المجلة منصة للإبداع والتميز.

وثقت نيويوركر كبرى الأحداث في تاريخ الولايات المتحدة والعالم، من الحروب الخارجية إلى الصراعات الداخلية مثل حركة الحقوق المدنية. في كثير من الأحيان، عكست المجلة تردد المجتمع الأميركي تجاه القضايا الكبرى، من الحروب الخارجية إلى المواقف المتباينة تجاه النزاعات مثل الحرب الإسرائيلية على غزة.

مع التحولات في الإعلام الرقمي، تواجه نيويوركر تحديات جديدة، لكن لا تزال واحدة من أكثر المطبوعات تأثيرًا، محافظة على هويتها كمنصة للتحليل العميق والكتابة الراقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى