الجواهري: التضخم يهدد البنوك الإسلامية والمطابقة الشرعية حاسمةٌ في استمرارها

أكد والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، أن التمويل التشاركي في المغرب والبنوك الإسلامية تواجه عدة تحديات كبيرة تهدد استمراريتها وتطورها. وفي مقدمة هذه التحديات تأتي مسألة المطابقة الشرعية، التي تعتبر ضرورية لضمان بقاء المالية الإسلامية وتحقيق الانسجام بين الممارسات داخل هذا القطاع.
وخلال كلمته الافتتاحية في منتدى الاستقرار المالي الإسلامي، الذي نظمه بنك المغرب بشراكة مع مجلس الخدمات المالية الإسلامية، أوضح الجواهري أن المطابقة الشرعية ليست فقط وسيلة لتعزيز متانة القطاع المالي، بل هي ركيزة أساسية لبقاء المالية الإسلامية وضمان مصداقيتها.
وأضاف أن التمويل التشاركي في المغرب يعاني أيضاً من تحدي آخر لا يقل أهمية، وهو تدبير السيولة، مبرزا أن الأدوات المالية والأصول السائلة المتاحة تبقى محدودة بسبب ندرتها وضعف تداولها، إلى جانب محدودية السوق الثانوية وقلة المعاملات عبر الحدود.
وأشار والي بنك المغرب إلى أن السلطات الإشرافية تدرك هذه الإكراهات، وقد عملت على وضع ضوابط انتقالية وقواعد خاصة لمساعدة البنوك التشاركية على تجاوز هذه الصعوبات في ما يتعلق بتدبير السيولة. لكن رغم هذه الإجراءات، فإن الوضع يزداد تعقيداً بفعل تأثيرات التضخم وتشديد السياسات النقدية، ما يجعل من الضروري تطوير أدوات جديدة للسيولة مثل الصكوك.
وتوقف الجواهري عند تحدي ثالث يتعلق بالتمويل المستدام، موضحاً أن هذا النوع من التمويل قادر على دعم مكانة التمويل الإسلامي إذا ما تم ربطه بالمبادئ التي يقوم عليها هذا النظام المالي. واعتبر أن التمويل الإسلامي يمكن أن يساهم في سد فجوة التمويل المطلوبة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتقليل آثار التغير المناخي، خاصة وأن العالم يواجه حالياً فجوة تمويلية تناهز 2.5 تريليون دولار في هذا المجال.
كما شدد المسؤول المغربي على أهمية تعزيز التمويل الإسلامي الأخضر، والاستفادة من التجارب العالمية في هذا المجال، ما سيساهم في تطوير منتجات مالية جديدة تجمع بين مبادئ الاستدامة وأسس الشريعة الإسلامية.
وفي السياق نفسه، أشار الجواهري إلى تحدي آخر لا يقل أهمية، وهو المخاطر المرتبطة بالرقمنة، مؤكداً أن التمويل الإسلامي يحتاج إلى توسيع استخدام الحلول التكنولوجية والمالية الحديثة لمواكبة التطور الحاصل في السوق، خاصة أن نسبة رقمنة هذا القطاع بلغت 44 في المئة وفق تقرير الاستقرار المالي لعام 2025. وأكد على ضرورة تعزيز الرقابة والإشراف، والتصدي للمخاطر الجديدة الناجمة عن التحول الرقمي.
وبخصوص واقع التمويل التشاركي في المغرب، أوضح الجواهري أنه رغم أن هذا القطاع لا يمثل سوى 2 في المئة من إجمالي أصول النظام البنكي الوطني، إلا أن بنك المغرب يعمل منذ سنة 2015 على توفير بيئة مناسبة لتطوير المالية التشاركية، إدراكاً منه لأهميتها ودورها في تلبية احتياجات المجتمع المغربي.