اقتصاد

الغاز الطبيعي في المغرب: مشروع قانون جديد لتعزيز السيادة الطاقية

في إطار سعيه لتعزيز السيادة الطاقية، أعدت وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المغرب مشروع قانون جديد ينظم عمليات استيراد وتصدير وتخزين ونقل وتوزيع الغاز الطبيعي. يهدف المشروع إلى وضع ضوابط قانونية لتنظيم هذه الأنشطة وضمان المراقبة الفعالة لها، مع تحديد المخالفات والعقوبات المرتبطة بها.

المشروع يسعى إلى تعزيز الاستقلالية الطاقية للمغرب عبر تطوير بنية تحتية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، والمساهمة في خفض انبعاثات غاز الكربون من خلال إنشاء نظام لإنتاج الكهرباء يعتمد على الغاز الطبيعي كوقود انتقالي، مما يسمح بدمج الطاقات المتجددة في المنظومة الوطنية للطاقة.

يعتمد مشروع القانون على “المجمع” كمؤسسة مسؤولة عن تزويد وتخزين الغاز الطبيعي، مع تحديد اختصاصاتها وآليات الحكامة الخاصة بها من خلال نص تنظيمي. ويتعين على هذه المؤسسة ضمان تزويد موثوق بالغاز الطبيعي بأسعار تنافسية، إضافة إلى توقيع عقود مع المنتجين المحليين والدوليين لضمان الإمدادات، كما تلتزم بتقديم تقارير يومية حول تدفق الغاز للإدارة المعنية بالطاقة.

يتناول المشروع أيضًا تنظيم شبكة الغاز الطبيعي، حيث يُلزم القائمون على إدارة الشبكات بالامتثال للقوانين المتعلقة بالمرافق العامة وضمان الربط بين الشبكات الوطنية والدولية. كما يشترط على حامل ترخيص التوريد تزويد السوق المحلي حصريًا بالغاز، مع الحصول على إذن مسبق في حال رغبة توريد الغاز للأسواق الخارجية.

كما يعنى النص القانوني بتحديد تسعيرة الغاز الطبيعي، التي يتم تنظيمها بواسطة الإدارة المكلفة بالطاقة، مع مراعاة تكاليف النقل والتخزين والتوزيع. تتم مراقبة تطبيق القانون من قبل ضباط الشرطة القضائية وأعوان الإدارة المختصة الذين يملكون الحق في الوصول إلى المنشآت.

وفي حال مخالفة القانون، ينص مشروع القانون على غرامات مالية تتراوح بين مليون ومليون ونصف درهم لكل من يمارس الأنشطة المنصوص عليها بدون ترخيص، مع زيادة الغرامة في حال التكرار. كما يعاقب من يرفض التفاعل مع مراقبة منشآت الغاز أو يفشل في ضمان الإمدادات دون سبب قاهر بغرامات قد تصل إلى مليوني درهم.

أشار أمين بنونة، أستاذ الفيزياء المتخصص في الطاقة بجامعة القاضي عياض بمراكش، إلى أن هذا المشروع يأتي في وقت مناسب، خصوصًا بعد الاكتشافات الجديدة للغاز الطبيعي في بعض مناطق المملكة. وأكد أن هذا القانون سيعزز استراتيجية السيادة الطاقية ويسهم في إنشاء سوق للغاز الطبيعي، سواء المنتج محليًا أو المستورد. كما أضاف أن المشروع سيساعد في التقليل من الاعتماد على الفحم، مما يتماشى مع التزامات المغرب في مجال حماية البيئة وتقليل انبعاثات الكربون.

رغم التقدم التشريعي، أشار بنونة إلى أهمية مواكبة هذا المشروع بتأهيل البنية التحتية للقطاع، خاصة فيما يتعلق بمرافق التخزين ووسائل النقل وشبكات التوزيع. وأكد أن تفعيل هذا القانون يتطلب استثمارات كبيرة لضمان تلبية احتياجات السوق المحلي ودعم القطاع على المدى الطويل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى