كتاب وآراء

حصاد 2024.. أجمل الكتب التي بقيت راسخة في ذاكرة المبدعين

لأن “حياة واحدة لا تكفي”: القراءة سفينة الخيال التي لا تصل إلى مرافئ

كما قال الأديب عباس محمود العقاد: “حياة واحدة لا تكفي”، لذلك نلجأ إلى الكتب والقراءة لنعيش حيوات جديدة في كل مرة. فالقراءة هي السفر الأبدي عبر سفينة الخيال، حيث ينقلنا كل كتاب نفتحه إلى محيطات من الحبر والكلمات والقصص التي لا تعترف بمرافئ الوصول. ومع وداعنا لعام واستقبالنا لعام جديد، يتجدد السؤال حول أجمل الكتب التي تركت بصمتها في نفوس الكتاب والمبدعين، وما زالت عالقة في أذهانهم بعد عام من القراءة والتنقيب.

القراءة: دواء ووقاية لعقل الإنسان

الكاتب الليبي الدكتور محمد قصيبات يسلط الضوء على أهمية القراءة في رحلته الأدبية لعام 2024. قرأ العديد من الكتب المؤثرة التي لامست روحه، منها رواية “تيريز دوكيرو” للكاتب الفرنسي الحائز على نوبل، فرنسوا مورياك، و**”المركب المفتوح”** للأميركي ستيفان كران. ويروي لنا قصيبات تأثره العميق برواية “آمي فوستر” لجوزيف كونراد، العمل الوحيد الذي يحمل عنوانًا أنثويًا في مسيرة الكاتب.

الرواية تروي مأساة “يانكو”، اللاجئ البولندي الذي وجد نفسه غريبًا في قرية بريطانية بعد أن ألقاه البحر هناك، متناولًا قضايا الهجرة والاغتراب والصراع اللغوي. وعلى الرغم من أن الرواية صدرت عام 1901، إلا أن قصتها ما زالت تعكس واقع المهاجرين اليوم. يؤكد قصيبات أهمية القراءة للصحة العقلية، مشيرًا إلى دراسات حديثة تربط القراءة بتقليل خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، واصفًا الكتاب بأنه “دواء ووقاية في آن واحد”.

القراءة كمقدمة للإبداع

يرى الروائي والشاعر المغربي عبد النور مزين أن القراءة جزء لا يتجزأ من تجربة الكتابة، فهي ضرورة لأي مبدع يسعى للتجدد والغوص في روح الأشياء. ومن بين الكتب التي أثرت فيه خلال العام، كانت رواية “وطن” للكاتبة الأميركية توني موريسون. يناقش مزين كيف أثرت الرواية على وعيه بقضايا الهوية والانتماء، وهو ما تجلى في روايته الأخيرة “جسر النعمانية”، حيث ركز على استكشاف الأبعاد الهوياتية المغربية بعمق.

الكتاب: نافذة على عوالم الإبداع

أما الروائية الجزائرية حياة قاصدي، فتصف الكتاب بالنافذة التي تفتح على أنوار الثقافة والإبداع، وهو بالنسبة لها “مهد الحضارات والطاقة الإيجابية”. في عام 2024، كان لكتاب “أنا والمستحيل” للكاتب الجزائري خليفة عبد السلام أثر عميق عليها. تصف قاصدي هذا العمل بأنه تجربة أدبية فريدة تحاكي مسيرة الإنسان العربي ثقافيًا ووجوديًا. ومن أبرز عناصر الرواية هو استبدال الإنسان كعنصر أساسي بشخوص فلسفية مثل الذات، التاريخ، الماضي، والمستحيل، ما أضاف بُعدًا عميقًا لتجربة القراءة.

القراءة كحياة أخرى

الكاتب التونسي أبو بكر العيادي، المقيم في باريس، يشيد برواية “الطوفان” للأميركي ستيفن ماركلي، التي وصفها بالعمل الآسر الذي يجبر القارئ على الانتقال من صفحة إلى أخرى دون توقف. العمل يعكس قوة الأدب في استكشاف أعماق النفس البشرية والواقع الاجتماعي.

خاتمة: الكتاب رفيق الحياة

القراءة ليست مجرد ترف، بل هي فعل أساسي لتجديد الفكر وإعادة بناء الذات. عبر صفحات الكتب، يجد الكاتب والمبدع وسيلة للتأمل والبحث عن معنى أعمق للحياة، ولعل أعظم ما تمنحه القراءة هو هذا “العناق الإنساني” الذي يجعلنا نقترب من جوهرنا الحقيقي ومن العالم من حولنا.
تحرير: القبلي ياسين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى