تصريحات مثيرة للجدل: هل تجاوز غالي الخطوط الحمراء بشأن الوحدة الترابية للمغرب؟
ليس بغريب على عزيز غالي تصريحات وخرجات إعلامية خارج سياق اللباقة واللياقة والحكمة والاحترام الواجب اتجاه الأشخاص والهيئات ، كما حدث مؤخرا مع رجال التربية والتعليم لما نعتهم بالعطاشة بسبب مشاركتهم في مهمة الاحصاء العام . لكن هذه المرة ، وربما لأنه تعود على ذلك لعدم التعامل الجدي مع خرجاته ومغامراته ، هذه المرة ، يكون قد تجاوز كل الحدود والخطوط الحمراء اتجاه المؤسسات والدولة والوطن ، لما تطرق لقضية الصحراء المغربية في ظرفية حساسة، وفي شأن ملف حساس وهو الوحدة الترابية للمملكة.
هذا، فإن موقف وقول غالي برفضه لمشروع الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، وبمطالبته بتحقيق مصير ” ما “، يعد موقفا سياسيا وليس حقوقيا كما يحاول أن يدعي هو أو من يؤازره . فالموقف سياسي رافض ومعاد للموقف المغربي والدول الحليفة للمغرب ، وهو بالتالي اصطفاف صريح ومعلن إلى جانب جبهة البوليساريو وحكام الجزائر في محاولتهم لتجزيء المغرب ، واصطناع دويلة فاشلة في جنوب المغرب تحت وصاية الجزائر من أجل مصالح هذه الأخيرة.
والموقف أو التصريح غير حقوقي لأنه لا يراعي وضعية حقوق الإنسان في مخيمات تندوف والذي يعاني فيه المحتجزون من العزلة والتهميش والاقصاء من الحق في التعبير عن الموقف والرأي ،على عكس المواطنين الصحراويين داخل المغرب الذين يعبرون وفق هامش محترم من الحرية على مواقفهم المختلفة، حتى التي لا تتوافق مع الطرح الرسمي للقضية .
و أيضا ،تعد تصريحات غالي معادية لمصالح المغرب لأنها تأتي في الوقت التي تحقق فيه الدبلوماسية المغربية نجاحات متوالية ، واعتراف الدول بجدية الحكم الذاتي في تزايد مستمر ،ومن ضمنها دول كبرى مؤثرة على المشهد والمجال الجيوسياسي العالمي ، وبالتالي تعد تصريحات وخرجات غالي مستفزة ليس فقط للمغرب ، ولكن لكل من يريد حل مشكل الصحراء في إطار السلم والتفاوض وضمان الاستقرار بالمنطقة .
كما أن تصريحات غالي تعتبر تشويشا جديدا من قبل ممثل هيئة حقوقي ، ومحاولة جديدة للرفع من منسوب عدم الاستقرار الأمني و العسكري بالمنطقة ،لأن مطالبته بتقرير المصير وفق مقترح الاستفتاء ،والذي لم يعد ممكنا في ظل التحولات والظرفية الحالية ، هذا الطرح أو المقترح الملغوم ، هو في حد ذاته كفيل بدفع المنطقة إلى المجهول والتصعيد العسكري، نظرا لاستحالة الرضوخ والاعتراف بنتيجة الاستفتاء من كل الأطراف ،وكيفما كانت النتائج.
ثم إن تصريحات غالي ، وفي هذا الملف بالضبط ، تعيد النقاش الذي تم تجاوزه في المغرب ،ومن قبل اليسار المغربي منذ نهاية السبعينات وبداية الثمانينات ،إذ يبدو أن من يزعم ، ومن بينهم غالي، أن اليسار المغربي ضد الوحدة الترابية وضد قضية الصحراء فهو خارج جغرافيا التاريخ ، وخارج سياق الواقعية السياسية الراهنة ـ ويمكن الرجوع إلى هذا الملف إذا سمح المقام لاحقا لأن غالي على ما يبدو غير مطلع على الكثير من المعطيات في هذا الشأن ، أو أنه يحاول العبث بالمواقف وتحريف المعطيات، والمقارنة الخاطئة بين مواقف زعماء سياسيين ومراهقين يساريين –
وهكذا ، ووفق ما سلف ، لا يمكن اعتبار تصريحات غالي مجرد وجهة نظر أو رأي ، كما لا يمكن اعتبارها تصريحات ذات بعد حقوقي صرف . فهي تصريحات تعبر عن موقف سياسي مساند للطرح الجزائري و للبوليساريو ، ويخدم أجندة سياسية تعمل على تقسيم المغرب، وفبركة دويلة فاشلة في المنطقة. كما تعتبر هذه التصريحات معادية لمصالح الوطن ، وتنم عن كراهية غالي لمصالح المغرب، ومعاداة لوحدته الترابية ، وتهديدا صريحا لأمنه واستقراره . وهي في البدء والنهاية خيانة للوطن .
مقال رأي للكاتب الصحفي أحمد بومعيز .