بيان نقابة الپاطرونا وازدواجية الخطاب النقابي…وحين تسقط الأقنعة أمام وعي الشغيلة التعليمية!
في مشهد نقابي تتداخل فيه الاعتبارات الانتخابية بالمزايدات الفارغة، خرجت الجامعة الوطنية للتعليم (UMT) يوم 31 يناير الجاري ببيان مرفوق بملصقات موصومة بألوان قوس قزح، تحاول من خلاله تقديم نفسها كمدافع عن مصالح الشغيلة التعليمية، في وقت كشفت فيه تعاليق نساء ورجال التعليم على هذا البيان في مواقع التواصل الاجتماعي عن حقيقة اللعبة المكشوفة التي تمارسها هذه النقابة، حيث قوبل بسخط واسع وهجوم كبير من طرف الأسرة التعليمية، التي لم تعد تنطلي عليها هذه الأساليب الملتوية التي تحركها حسابات انتخابية ضيقة، مما ولد لدى الأسرة التعليمية غضبا عارما، وتلويحا بتصويت عقابي يلوح في الأفق.
فمن خلال التفاعلات الغاضبة لنساء ورجال التعليم، أصبح واضحًا أن الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم (UMT) ميلود معصيد، يتحمل مسؤولية إفشال الحوار القطاعي، إذ بدل أن تنخرط نقابته في النقاش الجاد من أجل تحسين أوضاع الشغيلة، اختارت التصعيد والمزايدة، مما جعلها تفقد ما تبقى من مصداقيتها أمام رجال ونساء التعليم الذين عبروا في تعليقاتهم عن عزمهم معاقبة هذه النقابة عبر صناديق الاقتراع في انتخابات اللجان الثنائية المقبلة، وهو الغضب الجماعي الذي يعكس مدى وعي الشغيلة التعليمية بحقيقة الرهانات الانتخابية التي تحرك بعض القيادات النقابية، والتي يبدو أنها لم تستوعب بعد أن زمن الاستغلال السياسوي للمطالب المشروعة قد ولى.
ومما زاد من احتقان الأساتذة الذين علقوا على ذات البيان، تساؤلهم عن ازدواجية المعايير بالنسبة لقيادات هذه النقابة وعن صمتها على ما يقع في التعاضدية العامة للتربية الوطنية؟
وقد أشار بعض المعلقين إلى أنه من المفارقات الصارخة أن ذات النقابة تغض الطرف عن ملف التعاضدية العامة للتربية الوطنية التي تُعد بؤرة للفساد والزبونية والمحسوبية -على حد قولهم- منوهين إلى أنه في الوقت الذي يرفع فيه كاتبها الوطني شعارات الدفاع عن الأسرة التعليمية، فإنه يتجاهل بشكل مريب التجاوزات الخطيرة التي تعرفها هذه المؤسسة، والتي تمتص أموال المنخرطين دون أن تقدم لهم خدمات تليق بتضحياتهم، وبأنه إذا كانت هذه النقابة صادقة في خطابها، فلماذا لم تطالب بفتح تحقيق نزيه وشفاف في تدبير مالية التعاضدية؟ ولماذا لم تحرك ساكنًا أمام منطق الولاءات والمحسوبية الذي يسير هذه المؤسسة؟ ولماذا تصر على تحريف النقاش عن القضايا الحقيقية، وتحويل الأنظار إلى معارك جانبية؟
كما اعتبر عموم الأطر التربوية والإدارية أن استهداف شخص يونس السحيمي؛ الكاتب العام للوزارة، يعتبر خوفا من نهج جديد، حيث إنه ليس من باب الصدفة أن تتزامن هذه الحملة المسعورة مع الدور الفعال الذي لعبه هذا المسؤول الوزاري في إعادة هيكلة الحوار القطاعي وفق مقاربة جديدة قائمة على التفاعل المباشر مع مطالب الشغيلة. فمنذ تعيينه، أظهر الرجل حسًا تواصليًا محترمًا، وأشرف على حل العديد من الملفات العالقة التي كانت تُستغل سابقًا كأوراق ضغط من طرف بعض النقابات.
إن الهجوم عليه في هذا التوقيت يؤكد أن بعض الجهات لا تريد نجاح الحوار القطاعي، بل تسعى إلى استدامة الأزمة لخدمة أجنداتها، مما جعل العديد من نساء ورجال التعليم يتساءلون عن الأسباب الحقيقية لاستهداف الكاتب العام الذي يشهد له الجميع بحسن تدبيره وانفتاحه على مختلف الفاعلين؟ هل لأن أسلوبه الجديد في إدارة الحوار كشف زيف بعض “النضالات” التي كانت تُستغل انتخابيًا؟ ولماذا يصر البعض على استدامة الريع النقابي بدل الدفع نحو حوار قطاعي مسؤول وفعال؟
في حين اعتبر فاعلون نقابيون أن فرض الوصاية على الحوار يعتبر محاولة يائسة لكسب الشرعية، خاصة وأن البيان المذكور للجامعة الوطنية للتعليم (UMT) لم يقتصر على مهاجمة الكاتب العام للوزارة، بل حاول تقديم نفسه كأنه الصوت الوحيد للشغيلة التعليمية، متجاهلًا باقي النقابات الأكثر تمثيلية، مما يعتبر محاولة مفضوحة لفرض الوصاية على الحوار القطاعي، وتعكس عقلية إقصائية ترى في كل مخالف لها عدوًا يجب مهاجمته أو التشويش عليه، وتساءل ذات المسؤولين النقابيين عمن منح هذه النقابة حق التحدث باسم الشغيلة التعليمية؟ ولماذا تصر على خوض معارك هامشية بدل التركيز على تحقيق مكاسب حقيقية للأسرة التعليمية؟
كما عبر بعض الفاعلين التربويين عن كون وعي الشغيلة التعليمية أسقط الأقنعة، وذلك من خلال حجم التفاعل الغاضب مع هذا البيان الذي أكد أن نساء ورجال التعليم لم يعودوا يقبلون بهذه الممارسات النقابية الانتهازية، معتبرين أن العمل النقابي لا ينبغي أن يبقى رهينًا لشعارات جوفاء ومزايدات عقيمة، بل يجب أن يرتكز على الوعي الجماعي بضرورة حوار جاد ومسؤول بعيدًا عن الحسابات الضيقة، وأنه يتعين على الذين يرفعون اليوم شعارات التصعيد، أن يجيبوا أولًا عن سؤال سبب عدم سماع صوتهم حين يتعلق الأمر بملف التعاضدية؟ ولماذا لا نجد لهم أثرا إلا حيث تتقاطع المصالح الانتخابية والامتيازات النقابية؟
في حين علق آخرون بأن الحقيقة واضحة لكل من يريد أن يراها؛ وهي أن البيان الأخير للجامعة الوطنية للتعليم (UMT) ليس سوى محاولة يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من شعبيتها المتهاوية، بعد أن فطن رجال ونساء التعليم إلى حقيقة مناوراتها، وبأن التصويت العقابي القادم في استحقاقات اللجن الثنائية سيكون خير رد على كل هذه الممارسات.