مجتمع

تحديات سوق العمل المغربي وأهمية الإصلاحات لتحقيق أهداف التشغيل بحلول 2030

كشف “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد” أن سوق العمل المغربي يواجه تحديات هيكلية كبيرة تعيق تحقيق الأهداف الطموحة لخارطة الطريق للتشغيل (FRE)، والتي تهدف إلى تقليص معدل البطالة إلى 9% بحلول عام 2030، وخلق 1.45 مليون وظيفة جديدة. وأوضح التقرير أن التقديرات تشير إلى أن تحقيق هدف البطالة بنسبة 9% يتطلب نموًا سنويًا للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.9%، وهو أمر يصعب تحقيقه بالنظر إلى التوقعات الحالية التي تتراوح حول 3.5%.

وأضاف التقرير أن السيناريو الأكثر واقعية هو استيعاب الوافدين الجدد فقط إلى سوق العمل، وهو ما يتطلب نموًا بنسبة 4%، لكنه يظل غير كافٍ لتحقيق الهدف، حيث سيسفر عن خلق 500 ألف وظيفة فقط خلال خمس سنوات، وهو عدد أقل بكثير من الهدف المحدد.

وأشار المركز إلى أن سوق العمل المغربي يعاني من ضعف مرونة التشغيل تجاه النمو، حيث تشير البيانات إلى أن زيادة 1% في الناتج المحلي الإجمالي تؤدي فقط إلى زيادة 0.23% في فرص العمل، مما يعني أن النمو الاقتصادي الحالي لا يساهم بشكل كافٍ في خلق الوظائف. ولذلك، يوصي التقرير بإصلاحات هيكلية تعزز قدرة الاقتصاد على استيعاب العمالة.

وأكد الخبراء أن تحقيق أهداف التشغيل يتطلب نهجًا مزدوجًا يشمل تحسين مرونة التشغيل تجاه النمو، وجعل النمو أكثر قدرة على خلق الوظائف من خلال سياسات تحفيزية، بالإضافة إلى تسريع النمو الاقتصادي ليصل إلى 5-6% سنويًا، وهو ما يتطلب إصلاحات اقتصادية شاملة.

إلى جانب العوامل الاقتصادية، أشار التقرير إلى أهمية تحسين الحوكمة وتنسيق القطاعات المختلفة، بالإضافة إلى تحسين الأنظمة المعلوماتية لتسهيل اتخاذ القرارات بناءً على بيانات دقيقة. كما شدد على ضرورة إدماج القطاع غير المهيكل وتعزيز سياسات النوع الاجتماعي، وتطوير بيئة الأعمال لزيادة ديناميكية واستدامة سوق العمل.

وأضاف التقرير أن معدل المشاركة في القوى العاملة في المغرب لا يتجاوز 43.5%، وهو معدل منخفض مقارنة بالمعايير الدولية، مع تسجيل مشاركة ضعيفة جدًا للنساء في سوق العمل التي لا تتجاوز 20%. كما يواجه الشباب الحاصلون على شهادات جامعية معدل بطالة مرتفعًا يصل إلى 30%.

من جهة أخرى، يعاني السوق من تحولات عميقة تتعلق بالرقمنة والتغيرات المناخية التي تؤثر على قطاعي الزراعة والتشغيل، مما يتطلب تحديث الأنشطة الاقتصادية لمواكبة هذه التحديات.

خارطة الطريق للتشغيل وفي هذا السياق، أطلقت الحكومة المغربية خارطة الطريق للتشغيل، وهي مبادرة تهدف إلى خفض معدل البطالة إلى 9% بحلول 2030. ترتكز الاستراتيجية على خلق 1.45 مليون وظيفة جديدة عبر ميزانية تقدر بـ 15 مليار درهم، بالإضافة إلى تحديث حكامة سوق الشغل. تشمل الخطة محاور استراتيجية لدعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وتخصيص 12 مليار درهم لتعزيز فرص العمل وتسهيل الوصول إلى التمويلات، مع تخصيص 2 مليار درهم لتعزيز إدماج الشباب في سوق العمل وتشجيع التكوين المهني.

وتتضمن خارطة الطريق أيضًا مبادرات لتقليص فقدان الوظائف في القطاع الزراعي عبر استثمار مليار درهم، وتحسين دعم الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (ANAPEC)، بالإضافة إلى زيادة إدماج النساء في سوق العمل من خلال توفير وسائل نقل ملائمة وخدمات رعاية الأطفال.

تحسين مناخ الأعمال يعد تحسين مناخ الأعمال جزءًا أساسيًا لجذب الاستثمارات التي تساهم في خلق فرص عمل جديدة. ويستدعي ذلك تخفيف القيود التنظيمية التي تعيق تشغيل الشباب والنساء. كما يشمل التوجه نحو اقتصاد أكثر استدامة من خلال تعزيز القطاعات الواعدة مثل الاقتصاد الأخضر، والرقمنة، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

التحديات والمستقبل في ضوء هذه المعطيات، فإن تحقيق هدف خفض البطالة إلى 9% بحلول 2030 يتطلب جهودًا استثنائية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وضمان استدامة النمو. سيكون من الضروري أن تركز الحكومة على تسريع التحول الهيكلي للاقتصاد، وتحفيز القطاعات التي تخلق فرص العمل، مثل المقاولات الصغيرة والمتوسطة، والخدمات، والصناعات المحلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى