مونديال 2030: المغرب يستثمر في كرة القدم لبناء اقتصاد المستقبل

مع اقتراب موعد تنظيم كأس العالم 2030، الذي ستحتضنه المملكة المغربية بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، يتصاعد الجدل داخل الأوساط المغربية بشأن الجدوى الاقتصادية والاجتماعية لهذا الحدث الكروي العالمي. ففي وقت ينظر فيه البعض إلى المونديال باعتباره فرصة تنموية واستثمارية غير مسبوقة، يرى آخرون أنه قد يشكل عبئاً إضافياً على ميزانية الدولة المثقلة أصلاً بإكراهات اجتماعية واقتصادية متعددة، من بطالة وغلاء معيشة وتفاوتات مجالية.
هذا الجدل لم يبق حكراً على المواطنين أو الفاعلين السياسيين، بل وصل إلى مستويات تحليلية متقدمة، عبّر عنها خبراء ومختصون، من بينهم علي الغنبوري، رئيس مركز الاستشراف الاقتصادي والاجتماعي، الذي اعتبر في تصريح لجريدة “العمق المغربي” أن تنظيم المغرب للمونديال ليس ترفاً رياضياً أو مجرد لحظة كرنفالية عابرة، بل ورش استراتيجي متكامل يحمل في طياته رهانات اقتصادية وتنموية عميقة. الغنبوري شدد على أن النقاش العمومي حول الموضوع مشروع ومطلوب، لكن الخطر يكمن في توظيفه من قبل جهات سياسية لأغراض مزايداتية تُفرغ المشروع من أهدافه الوطنية، وتذكي خطاب التحريض بدل تعبئة الرأي العام حول مشروع له أبعاد استثمارية بعيدة المدى.
وأوضح الغنبوري أن تنظيم كأس العالم من شأنه أن يسهم في تحريك قطاعات اقتصادية حيوية، من قبيل البنية التحتية والنقل والسياحة والخدمات، مؤكداً أن هذه القطاعات ستعرف دفعة قوية بفضل المشاريع الكبرى المرتبطة بالمونديال. كما اعتبر أن هذا الحدث الرياضي العالمي يمثل فرصة استراتيجية لتحسين صورة المغرب دولياً، وجعل البلاد منصة جاذبة لرؤوس الأموال والاستثمارات الكبرى، مما سينعكس على النمو الاقتصادي وخلق فرص الشغل وتحسين الظروف المعيشية على المدى المتوسط والطويل.
ولتبسيط الفكرة، شبّه الغنبوري الاقتصاد المغربي بأبٍ يعيل خمسة أبناء بدخل لا يتجاوز 5000 درهم شهرياً، ويحلم بتحقيق حياة كريمة لأبنائه وتعليم جيد لهم، وهو أمر، حسب رأيه، لن يتحقق إلا إذا تضاعف دخله بشكل جذري. من هذا المنطلق، شدد على أن المغرب بحاجة إلى مضاعفة ناتجه الداخلي الخام، وأن تنظيم المونديال يشكل أداة قوية لتحقيق هذا الهدف، من خلال تعبئة الاستثمارات وتحريك عجلة التنمية في مختلف جهات المملكة.
وفي ختام تصريحه، دعا الغنبوري الفاعلين السياسيين إلى تجاوز الخطابات الشعبوية والاصطفاف خلف مشروع وطني كبير، يتطلب تعبئة جماعية وخطاباً مسؤولاً يليق بحجم اللحظة. وخلص إلى أن المغرب لا ينفق من أجل اللهو، بل يستثمر في مستقبله، وأن لحظة استضافة كأس العالم تستوجب وحدة وطنية ووعياً جماعياً بأهمية هذا التحدي، محذراً من أن التاريخ لن يرحم من تخلّف عن دعم مشروع بهذه الأهمية في وقت يحتاج فيه الوطن لكل أبنائه.