اقتصاد

الفلاحة المغربية تراهن على الذكاء الاصطناعي لرفع الإنتاجية ومواجهة التحديات

يشهد القطاع الفلاحي المغربي تحولا متسارعا نحو الرقمنة، مع تزايد الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التي أصبحت تلعب دورا محوريا في تحسين الإنتاجية ومواجهة التحديات المناخية والاقتصادية. ويرى خبراء أن الذكاء الاصطناعي يمثل أداة واعدة لتطوير أساليب العمل الفلاحي، عبر تحليل البيانات واتخاذ القرارات بدقة وفعالية أكبر.

يؤكد عبد الحق الهاشمي، أستاذ في الجغرافيا والتنمية الترابية، أن الذكاء الاصطناعي أصبح تقنية قادرة على محاكاة التفكير البشري من خلال الفهم والتعلم وحل المشكلات، مضيفا أنه يساهم في الانتقال من الفلاحة التقليدية إلى الفلاحة الذكية التي تعتمد على البيانات والمعلومات لتحسين الإنتاج الزراعي ومساعدة الفلاحين على مواجهة التغيرات المناخية وتقلبات الأسواق. وأوضح أن هذه التقنيات تتيح التنبؤ بحجم وجودة المحاصيل، ومراقبة الحقول بالطائرات المسيرة لرصد الأمراض أو الآفات أو نقص المياه، ما يمكّن من التدخل السريع لتفادي الخسائر وتحسين جودة المحاصيل.

وأشار الهاشمي إلى أن الذكاء الاصطناعي يساهم في تحسين أنظمة الري عبر أجهزة استشعار ذكية تضبط كمية المياه حسب احتياجات النباتات، إضافة إلى الزراعة الدقيقة التي تراعي خصوصية كل قطعة أرض، مما يقلل التكاليف والتأثير البيئي ويرفع الإنتاجية. كما يدعم الأمن الغذائي الوطني من خلال إدارة أفضل للموارد المائية وتحقيق استدامة أكبر في القطاع الفلاحي.

لكن رغم المزايا الكبيرة لهذه التقنيات، فإن تبنيها في المغرب ما زال يواجه عدة صعوبات، من أبرزها ارتفاع تكاليف الاستثمار، وضعف البنية التحتية التكنولوجية في المناطق القروية، ونقص الكفاءات المؤهلة، إلى جانب غياب إطار قانوني منظم وحماية كافية للبيانات. كما يثير الاعتماد المفرط على التكنولوجيا مخاوف تتعلق بفقدان المهارات التقليدية في الزراعة وتراجع فرص الشغل.

من جانبه، أوضح الخبير الدولي في الموارد المائية محمد بازة أن العديد من المعلومات الفلاحية المتاحة حاليا عبر أنظمة الذكاء الاصطناعي في المغرب تعود إلى فترات سابقة لتغير المناخ، ما يجعلها غير دقيقة أو غير ملائمة للواقع الحالي. وأكد أن الاعتماد على بيانات غير محدثة يؤدي إلى نتائج غير صالحة للاستعمال العملي، مشددا على ضرورة مراجعة المخرجات من طرف خبراء مختصين لضمان جودتها ودقتها.

وأضاف بازة أن الذكاء الاصطناعي يعتمد على خوارزميات تحليل ضخمة تستمد معارفها من البيانات المنشورة بشكل عمومي، ما يجعل تحديث هذه المعطيات أمرا ضروريا لضمان ملاءمة النتائج للسياق المغربي. كما دعا إلى إدماج البيانات المحلية الدقيقة في الأنظمة الذكية حتى تكون الأجوبة أقرب إلى الواقع وأكثر نفعا للفلاحين وصناع القرار.

ويجمع الخبراء على أن مستقبل الفلاحة المغربية يتوقف على القدرة على دمج التكنولوجيا الحديثة مع الخبرة البشرية والمعرفة التراثية، بما يضمن انتقالا سلسا نحو نموذج فلاحي ذكي ومستدام. فالذكاء الاصطناعي، إذا استُخدم بشكل متوازن ومدروس، يمكن أن يشكل رافعة حقيقية لتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز تنافسية القطاع الفلاحي المغربي في مواجهة التحولات المناخية والاقتصادية العالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى