سياسة

بنعبد الله يتهم الحكومة بالفشل الشامل وبتكميم الأفواه بالترهيب والإغراء

وجّه الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، انتقادات حادة للحكومة، معتبرًا أن حصيلتها تتسم بـ فشل الحكومة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك خلال كلمة ألقاها صباح اليوم السبت 20 ديسمبر 2025 أمام برلمان الحزب بالرباط.


وقال بنعبد الله إن الحكومة، وهي في “أنفاسها الأخيرة”، تواصل تسجيل الإخفاقات، سواء من حيث الالتزام بمضامين النموذج التنموي الجديد أو من خلال تعهداتها الواردة في برنامجها الحكومي، معتبرًا أن الفشل أصبح “شاملًا” ويشمل مختلف الواجهات.
وانتقد المتحدث ما وصفه بتصرف الحكومة بعقلية تكنوقراطية معزولة عن الواقع الديمقراطي، وبخلفية طبقية واضحة، مشيرًا إلى استهدافها للمؤسسات الوطنية للحكامة، وتهميش أدوار المعارضة والبرلمان، مع لجوئها إلى “تكميم الأفواه” عبر التهديد أو الإغراء، وتنفيذ تعيينات إدارية على مقاس الحزب الأغلبي.
وأضاف أن هذا المسار رافقته تراجعات حقوقية مست حريات الاحتجاج، والصحافة، والحق في الإضراب، ما انعكس سلبًا على صورة المشهد الحقوقي بالمغرب خلال الولاية الحكومية الحالية.


وعلى المستوى الاقتصادي، أرجع بنعبد الله فشل الحكومة إلى اختيارات وصفها بالطبقية، تقوم على تشجيع الاستيراد والتصدير لفائدة لوبيات وأوليغارشيات تتحكم في السوق، بدل التركيز على الحاجيات الأساسية للمواطنين، وهو ما جعل الاقتصاد الوطني أكثر هشاشة وتبعية للتقلبات الدولية.


وأشار إلى أن هذا الفشل تجلى في ضعف النمو، واتساع رقعة الاقتصاد غير المهيكل التي تضم أزيد من مليوني وحدة، إضافة إلى إفلاس نحو 10 آلاف مقاولة سنويًا، وكشف أن العجز التجاري ارتفع من حوالي 200 مليار درهم سنة 2021 إلى 334 مليار درهم سنة 2025، مع تراجع مساهمة الصناعة في الناتج الداخلي الخام إلى 15.3 في المائة.


وفي الشق المتعلق بالسيادة المائية والغذائية، انتقد استمرار استنزاف الفرشاة المائية عبر الزراعات التصديرية، مقابل توجيه استثمارات ضخمة لتحلية مياه البحر لفائدة الفلاحة الكبرى، على حساب الفلاح الصغير والأمن المائي والغذائي، مبرزًا أن المغرب استورد خلال سنة 2024 ما يقارب 92 مليار درهم من المواد الغذائية و10.8 مليار درهم من الأدوية.


كما تطرق إلى ما اعتبره اختلالات في مجال الحكامة، متحدثًا عن “فضائح متكررة” مرتبطة بتضارب المصالح والصفقات العمومية، خاصة في قطاعات المحروقات وتحلية المياه والأدوية، مشيرًا إلى تراجع المغرب في مؤشر مدركات الفساد من المرتبة 73 سنة 2018 إلى الرتبة 99 سنة 2024، مع تقديرات تشير إلى أن الفساد يكلف الاقتصاد الوطني نحو 50 مليار درهم سنويًا.
وفي الجانب الاجتماعي، أكد بنعبد الله أن 80 في المائة من الأسر المغربية تدهور مستوى عيشها، مع بلوغ البطالة مستويات مقلقة، وفشل الحكومة في خلق مليون منصب شغل كما وعدت، مشيرًا إلى أن عدد الفقراء بلغ سنة 2024 حوالي 2.5 مليون شخص، أغلبهم في الوسط القروي، بينما تستفيد أزيد من 4 ملايين أسرة من الدعم المباشر، دون تحقيق الهدف المعلن بإخراج مليون أسرة من دائرة الفقر.
وسجل أن قطاع الصحة لا يزال يشهد اختلالات بنيوية، حيث يتحمل المواطنون أكثر من 60 في المائة من مصاريف العلاج من جيوبهم الخاصة، في ظل هيمنة القطاع الخاص وتجارة الأدوية، مع تحذير من تهديد صناديق التأمين الصحي بالإفلاس.


واتهم بنعبد الله الحكومة بالسعي نحو “تبضيع” التعليم والصحة، وتفويت المرفق العمومي عبر ما سماه “التمويلات المبتكرة”، التي تصل قيمتها إلى 140 مليار درهم، بهدف تقليص العجز محاسباتيًا، معتبرًا أن النتائج كانت كارثية، من بينها مغادرة حوالي 300 ألف تلميذ للمدرسة سنويًا، وانقطاع نصف الطلبة عن الجامعة دون شهادة.
وفي ختام كلمته، انتقد المتحدث فشل الحكومة في تقليص الفوارق المجالية، مشيرًا إلى تعثر إعادة إعمار مناطق زلزال الحوز، حيث لم يتم تعبئة سوى 15.5 مليار درهم من أصل 120 مليارًا مبرمجة، داعيًا إلى أن يكون تنظيم مونديال 2030 فرصة لتنمية عادلة تشمل جميع الأقاليم، وليس حكرًا على مناطق دون أخرى.
وأكد بنعبد الله أن حزب التقدم والاشتراكية يعتز بالمشاريع الكبرى للبنيات التحتية، لكنه شدد على ضرورة استثمارها لتحقيق العدالة المجالية والاجتماعية، حتى يكون المغرب في أفق 2030 في الموعد، ليس فقط اقتصاديًا، بل أيضًا اجتماعيًا وديمقراطيًا وحقوقيًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى