سياسة

دراسة: اختلال التوازن بين السلطات بالمغرب يضعف ربط المسؤولية بالمحاسبة

أكدت دراسة أكاديمية حديثة أن اختلال السلطات في المغرب يؤثر سلبًا على ربط المسؤولية بالمحاسبة. الدراسة، التي أجراها باحثون مغاربة، أشارت إلى أن رئيس الحكومة يواجه صعوبات في ممارسة صلاحياته الدستورية كاملة. وأوضحت الدراسة أن الحكومات الائتلافية غالبًا ما تعاني من عدم الانسجام، مما يعرقل اتخاذ القرارات وتنفيذ السياسات. هذا الوضع يعزز تبعية الحكومة للسلطة الملكية، ويُضعف مبدأ المحاسبة.

على الرغم من الدور المحوري للملكية في تحقيق الاستقرار، ترى الدراسة أن هناك فجوة بين النصوص الدستورية والممارسة الفعلية للسلطة. غياب آليات واضحة لاتخاذ القرار واستمرار الغموض في العلاقة بين السلطات يُفرغ المبادئ الدستورية من مضمونها. هذا يقيد فرص التطور الديمقراطي.

الدراسة نُشرت في مجلة الباب للدراسات الاستراتيجية، تحت عنوان “تقاسم السلطة التنفيذية عربياً: التجربة المغربية أنموذجاً”. أعدها الباحثون الحبيب زين الدين استاتي، الحسين شكراني، وإبراهيم المرشيد.

توضح الدراسة أن النظام السياسي المغربي، رغم الإصلاحات الدستورية، لا يزال يتسم بما يسمى “الملكية التنفيذية”. هذا يعني أن الملك هو مركز القرار الفعلي، مما يدفع النخب السياسية للتنافس على “الرضا الملكي” بدلاً من كسب أصوات المواطنين.

الاختلال في توازن السلطة يتجلى في عدة مظاهر، منها أن الملك يعين الوزراء ويعفيهم، بينما يملك رئيس الحكومة حق الاقتراح فقط. كما أن تنصيب الحكومة من طرف الملك يسبق حصولها على ثقة البرلمان.

الدراسة تكشف أن رئيس الحكومة، رغم صلاحياته الموسعة بموجب دستور 2011، لا يزال مقيدًا بـ”توازنات غير مكتوبة”. هذه التوازنات تجعل ممارسة تلك الصلاحيات مرتبطة بإرادة المؤسسة الملكية.

العلاقة بين المؤسستين تعود إلى تأسيس الدولة بعد الاستقلال، حيث احتكرت الملكية سلطة التخطيط والتوجيه منذ عام 1962. دور الحكومات المتعاقبة اقتصر على التنفيذ المحدود.

الخطاب السياسي الحزبي في المغرب يُدار بمنطق “التأويل من الأعلى”. الرسائل الملكية تُعتبر المصدر الحقيقي للشرعية، مما يجعل الحقل السياسي مجالاً لتدبير العلاقة مع رأس الدولة.

الدراسة تستخدم نظرية الوكالة لتحليل تقاسم السلطة، حيث يمثل الملك “الأصيل” ورئيس الحكومة “الوكيل”. العلاقة بينهما غير متكافئة من حيث القوة السياسية والشرعية الرمزية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى