سياسة

أجلاب: واشنطن وباريس تُكرّسان الطرح المغربي.. والحكم الذاتي “ورقة رابحة” في مجلس الأمن

يدخل مجلس الأمن، الجمعة، جلسة حاسمة للتصويت على قرار مشروع قرار ينص على أن تمتّع الصحراء بحكم ذاتي حقيقي تحت سيادة المغرب “قد يشكل الحل الأكثر جدوى” للنزاع المستمر منذ 50 عاما.

وأعربت جبهة البوليساريو عن رفضها المشاركة في المفاوضات في حين قالت الجزائر إنها لن تصوت لصالح القرار إذا كان يدعم خطة الحكم الذاتي.

نصف قرن من التحولات الدولية

في هذا الصدد، قال رشيد أجلاب باحث في القانون العام، إن نزاع الصحراء المغربية يعتبر من بين الملفات الدولية التي عمرت لمدة تزيد على نصف قرن من الزمن، أي عندما كان الصراع محتدما بين طرفين أساسيين، إسبانيا والمغرب، ولم يجد هذا الملف الشائك طريقه إلى الحل رغم مرور هذه المدة الطويلة.

وأوضح أجلاب أنه في كل مرحلة من مراحل تسوية الملف تظهر بين الفينة والأخرى عوامل جيواستراتيجية تؤثر في ملف قضية الصحراء المغربية من طرف لاعبين إقليميين ودوليين وفي مواقف هاته الدول من القضية.

وأبرز، في معرض حديثه، أنها تنطلق من معطى لا غبار عليه وهو أن الشرعية الدولية تصاغ وفق مصالح القوى الكبرى حيث يتم تفسير وتأويل القرارات الدولية ارتباطا بمصلحة دولة من الدول المؤثرة في المحيط الدولي وفي قضية الصحراء نفسها.

رؤية واشنطن الثابتة

أفاد مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشؤون العربية والإفريقية، في حديثه لقناة “سكاي نيوز العربية” أن “موقف الولايات المتحدة، والرئيس ترامب واضح جدا في موضوع الصحراء، وقد اعترف بسيادة المغرب على الصحراء ضمن الطرح المغربي للحكم الذاتي سنة 2007”.

وأشار بولس إلى أن الإدارة الأمريكية ماضية في تنفيذ خطوة افتتاح قنصليتها في الصحراء المغربية خلال الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، مشددا على أن هذا القرار يجسد استمرار موقف واشنطن الداعم لسيادة المغرب على صحرائه.

في هذا الصدد، قال أجلاب إن واشنطن كانت تعتبر ملف الصحراء ملفا ثانويا مقارنة ببعض الملفات التي كانت متورطة فيها الإدارة الأمريكية على المستوى الدولي، كالعراق، أفغانستان، كوريا الشمالية، وإيران، لكن هذا الموقف تغير بعد حلحلة الملف الإيراني وتعطيل المشروع النووي، وطي ملف العراق وأفغانستان، والتقارب الأخير بين بيونغ يانغ وواشنطن حول مجموعة من الملفات.

وأفاد أجلاب، أن الملف المغربي (قضية الصحراء) أصبح يكتسي أهمية بالغة بالنسبة للإدارة الأمريكية من خلال التعبير والموقف الصريح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث أعلن من البيت الأبيض في دجنبر 2020 أن “الولايات المتحدة الأمريكية” تعترف بسيادة المغرب على كامل أراضي الصحراء وتوج هذا الاعتراف بفتح قنصلية أمريكية في مدينة الداخلة لتعزيز الفرص الاقتصادية والأعمال.

وأشار أجلاب إلى أن هذا الموقف الأمريكي جاء نتيجة ثمرة مجموعة من الشراكات بين الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب، خصوصا اتفاقية التبادل الحر خلال دجنبر 2004 رغم اعتراض الاتحاد الأوروبي آنذاك.

وشدد بولس، في مقابلة خاصة أجراها من شرم الشيخ مع قناة “الشرق”، على أن الوقت حان للتوصل إلى تسوية نهائية للنزاع، مشيرا إلى أنه “لا يجب أن ننسى أنه خلال أيام، سيصبح عمر هذا الصراع خمسين سنة، فقد حان الوقت فعلا لحله”.

فرنسا والصحراء المغربية

في هذا الإطار، قال أجلاب إنه يمكن اعتبار فرنسا دولة إقليمية أكثر منها عظمى، عكس الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وتحاول أن تكون لها يد في حل أي نزاع في منطقة “المغرب العربي” التي تعتبر منطقة نفوذها بامتياز.

وأوضح أجلاب أن الموقف الفرنسي ظل مبهما لسنوات طوال، ومتعدد الأوجه بين الموقف الرسمي والمجاملة والإعجاب بالمغرب من طرف رؤسائها دون رؤية واضحة رسمية من ملف الصحراء.

وأفاد أن الموقف الفرنسي اليوم تجاه قضية الصحراء المغربية يعد تحولا تاريخيا مهما حيث أعلنت “فرنسا” رسميا عن تأييدها لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء تحت السيادة المغربية.

وأضاف أن هذا الاعتراف جاء في رسالة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى الملك محمد السادس في يوليوز 2024 حيث أكد على ضرورة اعتبار السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية. هذا التأكيد تم من خلال الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي أمام أنظار نواب الأمة تحت قبة البرلمان المغربي.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلن رسميا للملك محمد السادس أنه “يعتبر أن حاضر ومستقبل الصحراء يندرجان في إطار السيادة المغربية”. واستندت فرنسا في موقفها الذي عبرت عنه من خلال رسالة الرئيس ماكرون إلى الملك محمد السادس إلى خلفية تاريخية معمقة ومعرفة بالقضية وبرؤية استراتيجية.

وأشار أجلاب إلى أن الحكم الذاتي يبقى ورقة رابحة في يد المغرب، ويبقى التساؤل هل يمكن التعايش بين ملكية وانفصاليين جمهوريين في الصحراء؟ فقد كشفت التجربة أن وجود انفصاليين في ظل “حكم ذاتي حقيقي” لن يؤثر كثيرا على الوضع القائم.

وخلص إلى القول: يمكن استيعاب أنصار “البوليساريو” والمنادين بالجمهورية ضمن مؤسسات مغربية تطبق الحكم الذاتي ففي نهاية المطاف الحكمة من “الحكم الذاتي” تعني أساسا صيغة تفاهم مع إثنية معينة لا تقبل بمؤسسات مركزية وتبحث عن قواسم مشتركة وإن كانت ضعيفة التعايش في فضاء جغرافي يجمعها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى