المغرب يرسخ سيادته على الصحراء المغربية ويحد من الأطروحات الانفصالية

على مدى ربع قرن، شهدت قضية الصحراء المغربية تحولات دبلوماسية وسياسية جوهرية، أسست لزخم مستمر نحو الاعتراف الدولي بسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية، مع تراجع الدعم المقدم للكيان الانفصالي، هذه التحولات تعكس استراتيجية تجمع بين الثبات على المبدأ والمرونة في الممارسة الدبلوماسية، بما يعزز مكانة المغرب في المسار الدولي والإقليمي.
يشكل اجتماع مجلس الأمن في 31 أكتوبر 2025 محطة مفصلية ضمن المسار السنوي لمناقشات النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، إذ تشير المعطيات إلى أن الجلسة المرتقبة تندرج ضمن دينامية دبلوماسية متسارعة، حيث يواصل المغرب تعزيز موقعه التفاوضي والسياسي، مقابل تراجع واضح في هامش المناورة الجزائرية داخل المجتمع الدولي.
وتؤكد التطورات الأخيرة أن المغرب تمكن من ترسيخ حضوره في مجلس الأمن من خلال تزايد عدد الدول الكبرى التي تعبر عن تأييدها لمقاربة الحكم الذاتي المغربية كحل جدي ومستدام للنزاع، وقد شمل هذا الاصطفاف الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا والمملكة المتحدة وبلجيكا ودول أخرى، وهو ما يعكس تحولا من موقف المتابعة الحذرة إلى دعم واضح وصريح، ما يضع المغرب كشريك فعال في المسار الأممي ويحد من تأثير الأطروحات الانفصالية.
وسبق التأكيد بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة الملك والشعب في 2022 على أن ملف الصحراء هو “النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات”.
يمكن تفسير هذا التأكيد باعتباره استراتيجيا على أن موقف المغرب من قضية الصحراء يمتد إلى البعد الدولي والعلاقات الدبلوماسية، إذ يستخدم موقف الدول من الصحراء كمعيار لجدية تحالفاتها وموثوقيتها.
هذه الرسالة عززت الموقف المغربي على المستويين، دبلوماسيا، من خلال وضع القضية كمحك لقياس الدعم الدولي ونجاعة الشراكات، ما يزيد من ثقل مواقفه أمام المجتمع الدولي؛ واستراتيجيا، من خلال التأكيد على وحدة الموقف الوطني وأن قضية الصحراء ليست مجرد نزاع إقليمي، بل إطار لتقييم التزامات الأطراف الدولية، وحول هذا النهج دعم المغرب للسيادة على الصحراء إلى أداة قياس للثقة والالتزام الدولي، ما حد من هامش المناورة لأي أطراف معارضة.
تشير هذه الدينامية إلى ترسيخ نمط براغماتي يقوم على الاعتراف بالمسار المغربي واستبعاد الطروحات الانفصالية التي فقدت رصيدها الدبلوماسي، إذ انتقل التركيز الدولي من منطق المواجهة إلى منطق الشرعية والبناء، بما يعكس رغبة الدول في حلول قابلة للتنفيذ قائمة على الاستقرار والتنمية.
يسجل المغرب حضورا متناميا كشريك للعديد من الدول والمؤسسات الإقليمية، فيما تتراجع الجزائر تدريجيا في المشاريع التنموية والأمنية، ويعكس هذا التحول إعادة رسم خريطة التحالفات الإقليمية لصالح الرباط، مما يعزز موقعها كقوة استقرار إقليمية قادرة على الجمع بين الدبلوماسية النشطة والمشاريع التنموية.






